للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل شيء، وهي أبدية أزلية، ومنها نشأت الكائنات. ."، ولا حاجة إلى الاعتقاد بوجود الرب في عصر العلم كما يرى شميل (١)، وأطلق على هذا الإلحاد مصطلح "الإلحاد العلمي" في انتساب للعلم (٢)، وكما يقول أحد المعجبين بشميل: "وهكذا فالله الذي يؤمن به، أمسى مع تطور حياته واتجاهه في مسار العلم الطبيعي، ضربًا من الوهم، لا مكان له بين حقائق تفكيره" (٣)، وقد استعان شميل بأفكار "بوخنر" (٤). أما "سلامة موسى" فقد وجد في أحد المتأثرين بداروين "نيتشه" (٥) أداةً مناسبةً في إعلان إلحاده (٦)، فضلًا عن طائفة أخرى ذكرهم في كتابه: "هؤلاء علموني".

يُعد "الإلحاد" ظاهرة مرضية تصيب بعض الناس، وهو مرض معروف، ولكن الجديد فيه هو دعواه الارتباط بالعلم، وهي أيدلوجيا خطيرة؛ لأن العلم في أذهان الناس يرتبط بالحقيقة والمعرفة الصحيحة وله سمعة طيبة، فإذا جاء من يدّعي بأن العلم يقود بالضرورة إلى الإلحاد، وأن دلائله تشهد بالإلحاد، فذاك أمر خطير، ومع ذلك فإن مما يوقف ذاك التلاعب والعبث بالعلم هم العلماء أنفسهم، فقد رأينا في الفصل الأول من الباب الأول ظاهرة انقسام المجتمع العلمي في الغرب، وبروز النابذين للإلحاد في دوائر العلم المختلفة، مما يجعل الإلحاد فيروسًا خبيثًا ظهر ثم بدأ يختفي، ولولا تغلغل "الماركسية" وأذيالها المعاصرة وأشكالها المطورة داخل الغرب لربما كان حال العلم أبعد بكثير عن دائرة الإلحاد. إذًا فلا علاقة للإلحاد بالعلم وإلا لكان كل عالم حقيقي ملحدًا، إذ كيف تظهر عنده نتائج يقينية ثم يتركها ويستسلم للإيمان بوجود الخالق سبحانه. وينقص هذه الظاهرة الجديدة قيام المسلمين بواجبهم العلمي في تبليغ دين الله إلى خلقه، ومن ذلك إيصاله إلى هؤلاء العلماء البارعين في العلوم


(١) انظر: الموسوعة الفلسفية العربية ٢/ ١٧٨.
(٢) انظر: المرجع السابق ٢/ ٥٦٢.
(٣) هو د. محمد المسلماني في كتابه الفلسفة النشوئية .. ص ١٦٧.
(٤) انظر: الموسوعة الفلسفية العربية ٢/ ١٧٩.
(٥) انظر: عن دارونية نيتشه كتاب: الدارونية والإنسان .. ، د. صلاح عثمان ص ١٢٢.
(٦) انظر: سلامة موسى بين النهضة والتطور، د. مجدي عبد الحافظ ص ٧٨، ١١٥، وانظر: سلامة موسى وأزمة الضمير العربي ص ٦٤، ٨٩، ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>