للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأهداف أيدلوجية تناهض الدين وعقائده وشرائعه وقيمه. ولو كانت أداة سليمة لسلمنا بصحة توظيفها في نقد الأديان المبدلة أو المخترعة، ولكنها أداة تشوهت بسبب ارتباطها بمؤسسين ملحدين، وبسبب مرض التعميم الذي يصيب أصحاب المناهج المخترعة.

وبقدر ما نكشفُ المسافة البعيدة بين النظرية الدارونية في مجالها العملي بما فيها من أخذ ورد وبما فيها من مفاهيم تصادم الربوبية وبين الفلسفة الدارونية؛ بقدر ما نكشف أن ارتباطها مع دعاتها العرب كان هدفه الإفساد في الأرض بنشر الإلحاد وإبطال الدين، وقد جاء ذلك في ظل صراع دولي استعماري رغب المستعمر آنذاك في إضعاف الدين عنصر القوة في الأمة الإسلامية، لهذا ارتبط ظهورها بوجود الاحتلال البريطاني للهند، حيث ظهرت هناك أولًا، ثم في مصر ثانيًا بعد الاستيلاء عليها سنة (١٨٨٢ م)، وهي سنة وفاة صاحب النظرية الدارونية. لم يكن بعيدًا عن عين المخططين للاستعمار أثرها في أوروبا وعلى أديانهم فيها؛ لهذا كانت أداة جيدة يُضرَب بها المسلمون وإسلامهم، ولم يكن الاستعمار في تلك المرحلة مستعدًا لأي خطأ يسمح بقوة المسلمين فهذا من الحماقة؛ إذ كيف يتفق مع هدفه في استغلال بلاد المسلمين، فكان دعم الأفكار الشاذة والسماح بوجودها وانتشارها من أفضل الأدوات الفكرية في ذلك الصراع. وبالرغم من انحسار القيادات الفكرية المتحمسة للدارونية إن لم نقل انقراضها؛ إلا أن هناك مجموعة من طلاب سلامة موسى حوّلوا تلك الأفكار والأصول الدارونية الفلسفية إلى ميدان الأدب، وكان أبرزهم في مرحلة السبعينيات الأديب المشهور "نجيب محفوظ"، وفي ذلك يقول أحد مريديه: "يبدو أن تأثير سلامة موسى في جيلنا أقوى من تأثيره في الجيل المعاصر له"، وذكر من الجيل الجديد نجيب محفوظ: "أما الجيل التالي لهؤلاء الرواد فقد أناب عنه الفنان نجيب محفوظ في تصوير الأثر العميق الذي تغيرت به أوزان جيل كامل"، إلى أن قال: "وقد احتضن سلامة موسى الأديب أو الفيلسوف الصغير وقتئذ، إذ إن نجيبًا كان متخصصًا ذلك الحين في الكتابات الفلسفية. . . ." (١)، وهذا التلميذ حفظ رسالة


(١) انظر: سلامة موسى .. ، د. غالي شكري ص ١٢، وذكر من طلابه -ص ٧٢ - (لويس عوض، محمد مندور، نجيب محفوظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>