للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا العلم وماهيته، إذ نجد أن مادة هذا القسم الأساسية هي نقل حرفي لما كتبه "سيريل بيرت" الإنجليزي في كتابه: "علم النفس الديني"، وهذا الاكتفاء بكتاب واحد وليس حتى بعالم؛ لا يتوافق مع الدراسة الأكاديمية من جهة، والهم المعلن عنه من جهة أخرى في تأسيس فرع جديد لعلم النفس.

ومن الأفكار التي يطرحها مسألة البحث عن أساس الدين النفسي: "يستطيع الباحث النفسي دراسة الدين ليس من أجل البرهنة على مصداقيته أو عدمه؛ بل لأنه مرتبط بانفعالات وإدراكات الإنسان، وربما من أولى المشكلات التي يقابلها الباحث النفسي الديني هي في كيفية نشأة الدين وتطوره ونموه، لذا فإنه يحاول النفاذ إلى البواكير الأولى للدين. ولقد افترض الباحثون أن التصورات الدينية الأولى عند الإنسان الأول انبثقت من اعتقاده في الأرواح. . . ."، ثم تحدث عن التعليل النفسي لوجود عقائد من عصر ما قبل التاريخ ومع ذلك ما زالت توجد في ديانات راقية بأن الغرائز لم تتغير بين عهد البربرية وعهد ما بعدها، كما أن الدين مدين بميلاده إلى بعض الغرائز الغامضة (١)، ثم يتحدث عن نشأة الدين رابطًا ذلك بحالة الطفل واعتقاده في أبيه إلى أن يصل للاعتقاد بالدين (٢)، فالدين في مثل هذا التصور النفسي حالة طفولية.

قد لا يشعر صاحب الكتاب بتناقض ما يعرضه؛ فإن الباحث الغربي وإن لم يهتم بالمصداقية والمطابقة والحقيقة فلأن حديثه عن نشأة الدين وتطوره تكفي في الموضوع، كما أن حديثه عن أثر غرائزي غامض زيادة في العماية، والتفريق بين ديانات ما قبل التاريخ وديانات راقية، كلها توصلنا إلى نتيجة واحدة: أن الدين ظاهرة نفسية لا علاقة لها بدينٍ موضوعي وبوحي وألوهية، فما يرتبط بالانفعالات والغرائز الغامضة لا علاقة له بالصحة والمصداقية؛ لأنه -عندهم- حدثٌ نفسي فقط، وأغلب المشتغلين في ميدان علم النفس في الغرب من المتأثرين بالإطار الفيورباخي حول الدين؛ لهذا لم يعد يشغلهم البحث عن الدين الحق؛ لأنه في نظرهم لا وجود له، وإنما البحث ينحصر في هذا الدين


(١) انظر: علم النفس الديني ص ١٣، وانظر كلام "سيريل بيرت" في: علم النفس الديني ص ٩، ترجمة سمير عبده.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٣ - ١٤، وهو عند "بيرت" ص ١٣ - ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>