للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوهمي، كيف نشأ؟ وكيف تطور؟ وكيف يعيشه الإنسان ويحياه؟. وعندما ينزلق باحث مسلم إلى هذه المشكلة؛ فهو يخدم هدفهم، وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، وأنه ملتزم بالعلمية والموضوعية والحياد بينما هو قد أصبح موظفًا في الدعوة للعلمانية ومذاهبها المختلفة.

ومع أن تحليل الباحث لماهية الدين لا تبتعد عن الطرح الفرويدي تبعًا لـ"بيرت" إلا بإبعاده "عقدة أوديب"؛ إلا أنه أيضًا خصص فقرة لفرويد، فلا يمكن لعلم النفس الديني في صورته العربية أن تكتمل إلا بذكر مذهب فرويد دون أي تعليق. والمزعج أنه نقل من حاشية ذكرها مترجم كتاب بيرت، حيث قام الباحث برفعها من حاشية الكتاب المُترجَم إلى متن الفصل الأول بنصها دون أي إشارة (١). ولكن هناك شيء لم ينقله الباحث عن مترجم كتاب "بيرت"، وهو في مقدمة الترجمة أن مجلة إنكليزية خصصت دراسة عن "بيرت" سنة (١٩٧٨ م) "مدعية أنه أفّاق اعتمد على التزييف في معظم ما أخرجه للعالم على أنه حقائق علمية لا يطالها الغبار. . . ." (٢).

ويواصل الإشكال حضوره في الفصل الثاني: "منهج البحث العلمي في علم النفس الديني" من جهة الارتباط بمرجع واحد وإسقاط النموذج الإسلامي عليه، دون ظهور أي روح نقدية أو انتباه لمشاكل المناهج التي ارتبطت بالبيئة الغربية بإطارها العلماني، حيث جعل عمدته هنا "جون ديوي" (٣).

عُرض في الفقرات السابقة صورٌ من التأثر الفرويدي: فهناك من يُعرِّف بفرويد كعالم نفس ويعرف بأفكاره، وهناك من يترجم كتبه على أنها جزء مهم في حقل علم النفس، وهناك من يدرج نظريته كأداة لفهم الدين في علمَي: "النفس الديني" و"الاجتماع الديني"، وأختم هذه الصور بفقرتين عن دراسات فكرية تجعل من النظرية الفرويدية حول الدين والألوهية منطلقًا لها، ونركّز على المتشبعين بفرويد والتحليل النفسي.


(١) انظر: علم النفس الديني ص ١٥، وهو في حاشية كتاب "بيرت" للمترجم ص ١٨.
(٢) علم النفس الديني، سيريل بيرت، من مقدمة المترجم ص ٧.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٢٧ وما بعدها، وقد سبق الحديث عن مشكلة المنهج في الفصل الأول من الباب الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>