عظيمة، بينما هي أهواء خفية وعلنية، ولكن هذا لا يعني إلغاء دور القيم والمثل العليا عن دورها في توجيه الإنسان وبخاصة دور الإسلام والتدين الحق والإيمان الصحيح والعميق في حركة المؤمن، ومثل هذا الكلام لفرويد لا جديد فيه، والجديد الذي لم يذكره هشام وهي المنظومة المعقدة التي ذكرها فرويد والتي سبق عرضها وهي التي لا يسلم له بها علميًا فضلًا عن أن يسلم له بها دينيًّا.
ومما يهمنا في هذا الباب استخدام هشام شرابي لبعض مقولات فرويد في جوانب يريد منها هدم الثقافة الإسلامية وذلك بعد خلطها بغيرها مما هو صحيح وفاسد في المجتمع العربي، وقد اتخذ من مصطلح "البطركية" الذي هو النظام الأبوي الذي يسيطر فيها الرجل على الأسرة والمجتمع والثقافة وصفًا لوضع المجتمع العربي، فهو مجتمع بطركي، وحتى يتقدم فلابد من التخلص من هذا الوضع البطركي.
ومن بين الأدوات التي ينقد بها هذا المجتمع خالطًا فيه الدين بغيره أداة من أدوات التحليل النفسي في موضوع أثير عند فرويد ومدرسة التحليل النفسي وهو الجنس، فمن مشكلات المجتمع البطركي مشكلته مع الجنس، فهو موضوع تحيطه العائلة بالغموض والسرية والخوف مما يولد عند المراهق عقدًا نفسية، وذلك بسبب الكبت الجنسي الذي مارسته الأسرة والمجتمع.
ثم ينتقل لخطورة الكبت حسب رأي مدرسة التحليل النفسي فيقول:"لقد أثبت علم النفس أن الكبت الجنسي يقتل روح التمرد في الفرد ويخضعه لإرادة الأب وللسلطة الاجتماعية التي يمثلها هذا الأخير. وهذا الإخضاع يؤدي بدوره إلى عوارض نفسية مختلفة منها ضعف القدرة على التساؤل الحر والتفكير المستقل؛ أي: إلى التشتت العقلي بشكل عام"(١).
نجد أن التعامل مع قضايانا لا يدخل فيها الدين من قريب أو من بعيد وذلك بحجة العلمية والعقلانية، فمفهوم الكبت الجنسي يحتاج إلى تحليل ثم إلى وزن بميزان الشرع والنظر في حقيقة الموقف الإسلامي هل هو كابت للجنس كما وقع مثلًا من الرهبانية النصرانية التي ولد هذا المفهوم في ظلّها، أم أنه موجه للغرائز ومشبع لها بصورة منظمة بعيدة عن الانفلات الذي يراد تعميمه من خلال
(١) مقدمات لدراسة المجتمع العربي، هشام شرابي ص ١٠٩.