للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المفاهيم العلمانية، هذه الأمور لا تعني شيئًا كثيرًا عند المفكر المتغرب ولاسيما من شخص يريد فتح باب المتعة الجسدية التي اعترف كثير منها كان قد اقترفه بنفسه في مذكراته. والمهم هنا أن شرابي أراد الاستفادة من أدوات لدراسة المجتمع الإسلامي الذي يدين بالإسلام ويرجع الناس إليه حتى وإن وقع انحرافات هنا وهناك، ولكن حتى يبتعد عن مشكلة التصادم مع الإسلامي وضع مصطلحه الخاص به، واستخدم عددًا من الأدوات لدراسته.

المثال الثامن:

وأختتم هذه النماذج الفرويدية الفكرية بدراسة فرويدية حديثة بعنوان:

"الإنسان المعاصر في التحليل النفسي" للدكتور فيصل عباس، حيث عرض صاحبها "فرويد" وكأن بيده الحل السحري لفهم الإنسان وفهم مشكلاتنا ومعالجة تخلفنا والانتقال بنا إلى القوة والمجتمع الإنساني المميز، وإلى الطمأنينة والسعادة، ويغطي ذلك بانهزامية كبيرة أمام "العقل الغربي" الذي كال عليه من الثناء والمدح ما يُفهم منه عجز العقل المعارض له (١)، ومن هذا العقل جاء "فرويد"، وجاء بحثه عن فرويد في وقت -كما يزعم- يشهد إقبالًا واسعًا على دراسة أعماله (٢)، "ومما لا ريب فيه أن التحليل النفسي أدى إلى البحث عن صورة جديدة للوجود، وللإنسان في الوجود. وشكّل حافزًا للشروع بتأسيس خطاب فلسفي جديد ملقح باكتشافات فرويد، فلم يعد بوسع المفكر أن يمارس التفكير وكأن فرويد لم يوجد" (٣). وقد شرح بتوسع مذهب "فرويد" دون ظهور أي حس نقدي، ومع إشارته إلى كثرة الدراسات حوله، إلا أنه اختار ما يمدح فرويد وترك عشرات الدراسات التي تنقد "فرويد" بما فيها دراسات للفرويديين، وإن استعان بشيء منها؛ فمن أجل توضيح فكرة من أفكار فرويد دون المساس الجوهري بها.

إن بروز مثل هذه الحالة في وقتٍ نُقد فيه فرويد نقدًا جذريًا ليُعد مشكلة فكرية عميقة في الحقل التغريبي العربي، على الأقل في الفرويديين منهم، وبما


(١) انظر: الإنسان المعاصر في التحليل النفسي الفرويدي، د. فيصل عباس ص ٢٦ - ٢٧.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ٣٠.
(٣) المرجع السابق ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>