للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن البحث يركز على تأثرهم بموقفه من الدين؛ فأكتفي برصد صورة هذا التأثر، وهو لا يختلف عما سبق إلا بتوسعه وتوضيحه ما لم يوضح.

"لقد حاول فرويد، من وجهة نظر التحليل النفسي، تفسير نشوء الدين والشعائر الدينية، وتعليل دور الدين في تطور الحضارة، والخدمات التي يؤديها للناس"، ثم قال موضحًا ميزة عمل فرويد: "ترجع أهمية فرويد إلى طرح تصوراته النفسانية .. القائلة بأن الدين .. ومعتقداته، ومحرماته ورمزيته، لا يفعل سوا التعبير، على المستوى النفسي، عن الجزع والقلق اللذين تولدهما عقد كل فرد؛ ولاسيّما قلق الإنسان أمام نزواته الخاصة وأمام قوى الطبيعة المعادية. . . ." (١)، وهو لا يغفل عن تصور أبعد عند فرويد "يرفض فرويد بذلك كل المسلمات القائلة بأن الدين وحيٌ منزّلٌ، أو أنه إحساس فطري لا علاقة له بعوامل مسببة من عقدة أوديب. ."، ويشرح مذهب فرويد حول الدين باعتباره وهمًا؛ بل مرضًا أو عصابًا وسواسيًا عامًا للبشرية، ينجم مثل عصاب الطفل من عقدة أوديب، وأن أسلوب التخلص من هذا الوهم، وهذا العصاب الوسواسي، عن طريق التحليل النفسي (٢)، فالتحليل النفسي في النهاية هو أداة لتخليص البشرية من الدين.

ولكن هذا الباحث العربي الفرويدي له رأي آخر، فهو يختم هذا البحث بفقرة توضح حاجة الإنسان للأوهام فيقول: "يمكن القول: إن كل ما له طابع ديني إنما يدخل في فئة الأوهام. ولقد أمكن التفكير، في القرن التاسع عشر، على إعادة تأليف مثل الحضارة الغربية على أساس جذري علماني وإنساني؛ أي: غير ديني. ويرجع إلى هذا السبب، جزئيًا، كون فلاسفة القرن التاسع عشر، أخذوا يتساءلون عما إذا كان "الله قد مات"؛ وفي اعتقاد بعضهم أن الله، الرمز التقليدي للألوهية، هو ميت حقًا. إن ما يعتقدونه هو أنه ليس للألوهية أية فائدة للبشر في عصر العلم والثورة العلمية .. غير أن التاريخ بين لنا لاسيما تاريخ القرن العشرين، أن البحث عن أوهام .. ضروري بالنسبة إلى الكثيرين. . . ." (٣)


(١) المرجع السابق ص ١٦٣.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٧٠.
(٣) المرجع السابق ص ١٧٢ - ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>