للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماع هو دراسة الدين بعد الانعتاق من الدين، ولهذا من الضروري -بحسب رأيه- تفكيك الدين لتحقيق ذلك (١).

إذا كان علم الاجتماع قد اهتم بالجانب الديني متأثرًا مع مؤسسيه بالإطار "الفيورباخي" القائم على أن الدين وهم، فقد أصبح أيدلوجيا بيد أغلبهم أكثر من كونه علمًا للتعامل مع الدين، وأصبحت علاقته بالدين علاقة صراع، وربما هذا يفسر كثرة النظريات حول الدين، فهي تتساقط تباعًا ولكن مسألة الصراع تفتح الباب لاختراع الجديد منها كالمحارب الذي لا يملّ، والحقيقة أن النظرية في علم الاجتماع عمومًا تعد موطن إشكال فكيف إذا كانت ذات علاقة بالدين، نجد في أحد الكتب الحديثة عن النظرية الاجتماعية هذا النص: "يبدو أن كلمة "نظرية" نفسها تثير في بعض الأحيان الهلع في نفوس الناس، وهو أمر له ما يبرره. فالكثير من النظريات الاجتماعية الحديثة عصية على الفهم أو مبتذلة أو لا معنى لها. ولا يشعر القارئ بأنه يتعلم جديدًا أو بأنه يتعلم شيئًا على الإطلاق. وهو بالتأكيد لا يشعر بالمتعة. والنظرية تحتاج حتى من المتخصصين من طلاب علم الاجتماع ومدرسيه إلى جهد مُضْن للحصول على فهم متواضع. وما أقل من يألفون النظرية أو يستخدمونها بطريقة مثمرة" (٢)، ثم في موطن آخر: "إن فهم النظرية مسألة تتعلق بتعلم التفكير نظريًا أكثر منها بتعلم النظريات ذاتها" (٣)، ولا شك أن فهم النظرية على هذا الوجه هو أفضل من فهمها على أنها مفهوم يعبر عن حقائق، على أن المعنى الأخير هو الأبرز في الكتابات المتغربة، حيث يحيل أحدهم في مسألةٍ ما إلى نظرية من نظريات العلم وكأنه يحيل إلى حقيقة قطعية، بينما هي صورة من صور التفكير لهذا الباحث أو ذاك.

ونجد اعترافًا طريفًا لأحد المشتغلين بعلم الاجتماع "أحمد خضر" بعد أن قضى أكثر من ثلاثين سنة في ميدان علم الاجتماع ثم تنبه لبعض المزالق التغريبية ونبّه منها، حيث ذكر أنهم في أثناء دراساتهم العليا بُيّن لهم أهمية النظرية، فهي المدخل إلى العلم وإلى البحوث وإلى النشاط الاجتماعي، والنظرية بالنسبة لعالم


(١) انظر: الدين في المجتمع العربي ص ١٢٨ - ١٢٩ من بحث: محمَّد شقرون (الظاهرة الدينية كموضوع للدراسة ..).
(٢) النظرية الاجتماعية .. ، إيان كريب ص ٢١.
(٣) المرجع السابق ص ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>