للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب للدين إما من خلال علم الاجتماع عمومًا أو من خلال القسم المتخصص به وهو علم الاجتماع الديني، وكلٌ يدرس الدين بحسب المذهب الغربي الذي اتبعه. وإذا تأكد لنا وجود أزمة تحيط بعلم الاجتماع عمومًا -كما هي اعترافاتهم- فكيف هو الحال مع قسم جديد منه ولاسيّما في ظل ملابسات العلاقة السلبية مع الدين في إطاره الغربي؟ إنها تكون أزمة مضاعفة، ورغم فرح أي مثقف بوجود دراسة علمية للأديان المبدلة أو المخترعة تساعد البشرية في النجاة والبحث عن الحق؛ إلا أن ذلك الفرح سرعان ما ينقشع إذا علم حال هذه العلمية، والإطار الذي تتحرك فيه، والأهداف التي تتوخاها, ولاسيّما في تحويلها الموضوعية إلى أداة هدم لكل دين بما في ذلك دين الحق بحجة اشتراكه مع غيره من الأديان في عدم خضوعه للمعايير الموضوعية.

ويعتمدون في ذلك على مدخل غير مناسب، وهو أن دراستهم للدين يفرق فيه بين جوهر الدين وبين جانبه الاجتماعي، فيدرسونه كظاهرة اجتماعية تخضع للتحليل الاجتماعي، ومن ذلك ما نجده في الندوة المشهورة التي جمعت أبرز المتخصصين في علم الاجتماع ممن يغلب عليهم التغرب، ومما ذكروه حرص اللجنة التحضيرية على "إبراز الفرق بين الدين كعقيدة وإيمان يسمو على مستوى القداسة والمطلق، وبين الوعي الديني بمستوياته الوجدانية والمعرفية والأيدلوجية. . . . بكل ما هو ذو علاقة بفهم البشر، ووعيهم وممارساتهم وتعاملهم مع الدين، وليس بما هو مطلق وثابت ومقدس في الدين" (١)، وهي امتداد لفكرة "ماكس فيبر"، وحسب قول "غانم" هنا: "يبدأ ماكس فيبر بحثه في علم اجتماع الدين بالقول: "نحن هنا لا شأن لنا على الإطلاق في "جوهر" الدين، وإنما تهمنا شروط فعل جماعي من نوع محدد وتأثيره". وهو لا يقصد بذلك الابتعاد عن الأحكام التقويمية للأديان فحسب -ومنها الدفاعية والهجومية- بل يعني أيضًا إقصاء دراسة محتواها عن اهتمام علم الاجتماع. ." (٢). ومما يفسد على أصحاب الدعوى السابقة صعوبة تحقق تلك المقولة ولاسيّما من قبل


(١) الدين في المجتمع العربي ص ١٠ - ١١.
(٢) المرجع السابق ببحث عنوانه: (من الأسطورة إلى الدين) ص ٨٣، وانظر: (الدين والصراع الاجتماعي) لحمود العودي، المرجع السابق ص ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>