للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجموعة المُعِدة "للندوة" التي يغلب عليها التوجه الماركسي تمذهبًا وتأثرًا. وإذا سلمنا جدلًا بمقولتهم أن اللاهوتي لا يستطيع دراسة الدين بسبب تعاطفه مع هذا الدين ونبذه لذاك؛ فإن عدم الاستطاعة تكون أشد وضوحًا مع الماركسي صاحب المنطلقات الثابتة حول الدين أو حتى من هو دونه من المتغربين الكارهين لسيادة الحياة الدينية.

بعد التفريق بين جوهر الدين والجانب الاجتماعي منه، فإنهم يطلقون على الاجتماعي مصطلح "الظاهرة الاجتماعية"، حيث "أصبحت النظرة إلى الدين ليس على أساس صِدْقه أو زيفه، وإنما على أساس أنه ظاهرة اجتماعية. والظاهرة الدينية هي ظاهرة اجتماعية أولًا بسبب وجودها على نمط واحد لدى جميع أفراد المجتمع. . . .، ولأن الظواهر الدينية أساطير كانت أم طقوسًا، تقوم بذاتها على نحو ما، كحقيقة نسيج وحدها بصرف النظر عن الأفراد الذين يعتنقونها. . . .، وأخيرًا بسبب ما تتصف به قوة القهر، فهي تفرض نفسها على المؤمن الذي يخضع لها ويطيعها. . . ." (١). والأساطير هنا تقابل المعتقدات، والطقوس تقابل العبادات والشرائع في الدين.

وعندما يوجد من المفكرين من ينبه إلى إشكالية المصطلح مثل "رشدي فكار" الذي يرى بأنه من الخطأ تصور الدين كظاهرة اجتماعية وتعميم ذلك على كل الأديان؛ فإنه إن كانت بعض المعتقدات كالوضعية ذات تعبير اجتماعي، فإن الدين السماوي هو من وحي الرب سبحانه عبر رسله وأنبيائه سواء بدّله أهله كاليهودية والنصرانية أو حفظه الرب سبحانه وهو الدين الحق دين الإِسلام، فالخوض في دراسة جوهر الأديان وأصلها من باب المجازفة الفكرية باسم معرفة نسبية قاصرة لا أكثر ولا أقل، إن مثل هذا الاعتراض لا يتقبله بعض المختصين في علم الاجتماع، بحجة صلاحيته لعالم لاهوت لا لعالم اجتماع (٢). والناقد هنا يحيلنا إلى علم وكأنه يحيل إلى علم فيزيائي أو رياضي بحقائق يقبلها


(١) الدين والمجتمع، د. حسين رشوان ص ٧٤ - ٧٥ بتصرف يسير للاختصار، وانظر: قضايا علم الأخلاق، د. قباري إسماعيل ص ٥٢.
(٢) انظر كلام "رشدي فكار" والاعتراض عليه من قبل "حيدر إبراهيم" (الأسس الاجتماعية للظاهرة الدينية ..) ضمن كتاب: الدين في المجتمع العربي ص ٣٨ - ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>