للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين الوضعي"، فالمنهج التاريخي والمنهج المقارن فضلًا عن علم النفس والاجتماع قد أوجدت أدوات في دراسة الدين المنحرف؛ أي: كدين مبدل أو وضعي، وهي مما يمكن الاستفادة منه بعد تخليصها من المسلمات التي انطلقت منها والأيدلوجيا التي تغذيها والغايات التي وضعت لأجلها، وهي عملية شاقة تركها الجيل المتغرب من الاجتماعيين واستسلموا للتقليد والتبعية، وهذا الأمر هو مشروع أهل التأصيل الإِسلامي ومن سار على مسارهم.

يذكر "أحمد خضر" -وهو من خَبِرَ علم الاجتماع لأكثر من ثلاثين سنة- ملخص "النظرية الاجتماعية حول الدين" عند علماء الاجتماع الغربيين بقوله: "فيما يتعلق بالحقيقة الدينية نفسها، تقر النظرية العامة في علم الاجتماع ضمنيًا بالإلحاد"، فهم يقرون "بأن نظريات العلم التقليدية عن الدين إلحادية وتجاهر بالعداء للدين، كما يقرون أيضًا بأن نظرياتهم الحديثة وإن كانت غير معادية للدين فإنها إلحادية أيضًا. . . . وفي الوقت الذي تدّعي فيه تلك النظرية التقليدية أن الأفكار الدينية زيف ووهم؛ فإن النظريات الحديثة تحاول تجنب مسألة حقيقة الدين، لكنها تغذي في الواقع هذه التحليلات التي تحقر أي رؤية جديدة للأفكار الدينية، وتنظر إليها على أنها غير حقيقية. . . ." (١)، ثم نقل عن أحد علماء الاجتماع (٢) قوله: "كيف يمكن أن نقول: إنّ هناك التقاء بين الدين وعلم الاجتماع على أساس ادعاء علماء الاجتماع بأن علمهم محايد -لا- يقول شيئًا من الدين أو ضده، في حين إن نظرياتهم تتضمن أحكامًا غير حيادية عن الدين. . . . إن النظريات العامة لعلم الاجتماع وإن كانت تقر ضمنيًا بالدين أو ببعض مظاهره على الأقل؛ فإنها تقر ضمنيًا بالإلحاد أيضًا، لهذا لا نعجب إذا وجدنا أن هذه النظريات تلزم العلماء بالقول بأن كثيرًا من الأمور الدينية طيبة بالرغم من أن أفكاره الأساسية غير حقيقية إلى أن قال: "من الصعب أن يقر الإنسان بطريقة حياة يعتقد أنه ليس هناك أسباب معقولة لعيشها. فإذا رأى أحدهم أن الدين أمر حقيقي؛ فإن ذلك مبرر كاف للتمسك به، وعليه أن يقنع الآخرين


(١) انظر: علماء الاجتماع وموقفهم من الإِسلام، أحمد خضر ص ١٨٧ - ١٧٩ بتصرف يسير للاختصار.
(٢) "بنتون جنسون".

<<  <  ج: ص:  >  >>