للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بيئتنا الإِسلامية مشوهًا، وذا علاقة متوترة مع الدين رغم تلك الجهود التي يبذلها مجموعة أخرى لتصحيح الوضع.

فسلّموا بمقولة أن الدين منتج بشري والأصل عكس ذلك، وسلّموا أو استسلموا للأبعاد الأيدلوجية المرتبطة بالمقولة من جهة إخضاع كل دين لذاك الأصل، وانتشرت مقولات: "تاريخية الدين" و"تاريخية النص الديني" و"تاريخية العقائد والشرائع".

والعجيب أنهم يقفون موقفًا لطيفًا مع الأديان الوضعية وموقفًا نقديًا مع الدين السماوي، ويصرون بأن من مهامهم إنزال الدين من عليائه إلى الواقع البشري، بحيث يكون متساويًا مع الأديان الوضعية.

وكان الأصل في علم الاجتماع في أثناء نشأته داخل المجتمع المسلم أن يسلك طُرقًا مغايرة، ويعكسوا المقولة، فعندنا الخبر الصادق عن الحقيقة، وهم لا يملكون سوى وهم التعميم من جزئيات لا يصح أن تكون أرضية للتعميم، وأن يُدرَك بأن مقولة الإنتاج البشري سواء في الأديان المبدلة أو الوضعية المخترعة هي ما جاء الرسل -عليهم السلام- من أجل إزالتها، وهم من أخبرنا بأنها انحراف بشري لا حقيقة لها, لذا كان واجب علم الاجتماع في بلاد المسلمين أن يواصل تلك المهمة، فينقد الأديان الوضعية والمبدلة للوصول إلى الدين الحق، وليس اتخاذها مطية لإنكار الدين الحق، لقد كان علماء الاجتماع الغربيون يذهبون إلى أقوام بدائيين في أمريكا وأفريقيا وأستراليا ليدرسوا دياناتهم الغريبة، ويخرجوا منها بنتائج يريدون تعميمها على كل الدين، وهم مع ذلك لم يسعوا إلى إزالة هذا الوهم عند هؤلاء البدائيين، وإنما تركوهم في ضلالهم كعينة نادرة من المهم المحافظة عليها لتكون مصدر دراسات علماء الاجتماع والأنثربولوجيا.

لا شك أن المُسلَّمات التي ينطلق منها عالم الاجتماع تؤثر على بقية عمله، فإذا كانت المسلمة أن الدين مُنتَج بشري فلن يكون هناك حرص على نصح أهله بتركه إلى دين آخر. بخلاف عالم الاجتماع المسلم، فهو ينطلق من مسلمة أن الدين الحق موجود، وأنه نعمة الله على خلقه، وأن مهمة كل مسلم -كل بحسب موقعه- دعوة الناس إليه وإزالة العوائق التي تصرف الناس عنه أو تسد طريقهم إليه.

قد يسلم الباحث بوجود أدوات معرفية جيدة في تحليل "الدين المبدل أو

<<  <  ج: ص:  >  >>