صحة هذا التعميم، وقد برز التعميم في تحويل هذه المقولة كأساس يدرس من خلالها الإسلام.
بما أن الدين -عنده- منتج اجتماعي فلن يدرس الإسلام على أنه دين سماوي، بل يدرسه على أنه ظاهرة أفرزتها ظروف مكة والجزيرة العربية في مرحلة تاريخية معينة، وعندها يرجع شلحت في كتبه التطبيقية إلى العرب قبل الإسلام في العهد الجاهلي فيدرس تلك المرحلة، ويبين كيف أفرزت لنا الإسلام، حيث نجد في كتابه:"بني المقدس عند العرب قبل الإسلام وبعده" الربط بين كل عقيدة إسلامية وبين عقائد الجاهلية العربية، فيكون الإسلام ثورة ذاتية للمجتمع في جوانب أو تطور طبيعي اجتماعي في أخرى، وليس لذلك علاقة برسالة أو وحي، فالإسلام ما هو إلا ظاهرة اجتماعية أفرزها المجتمع العربي. وهو لا يكتفي بذلك، فإن هناك دراسات استشراقية تحاول ربط الإسلام بعقائد ديانات أخرى، وكأن الإسلام قد سرق تلك العقائد ونسبها إلى نبيه، فأضاف مثل هذه الدراسات إلى بحثه، وصور الإسلام بصورتين: إما أنه إنتاج لظروف العرب، أو أنه تأثر بديانات وعقائد أخرى. نأخذ مثالًا من كتابه يبين الأمرين:"ادعاء أن الدين من أثر البيئة ومن أثر الآخرين"، وهو ما أطلق عليه أسطورة المعراج في مبحث الأسطورة.
يغلب على كتب الاجتماع عند دراستها الدين أن تتحدث عن الأسطورة، والسحر، بحيث يجعلون منها أساس الدين وأهم عناصره، وغالبًا ما يبدؤون بمرحلة السحر ثم الدين بحيث يكون الدين مرحلة متطورة من مراحل السحر، وكذا الأسطورة حيث تكون فاتحة الحديث عن الدين، ومن هنا تجد اشتهار الكتابة في الأساطير والسحر في الدراسات الاجتماعية.
يذكر "شلحت" أن كتب السيرة تمتلئ بالعناصر الخرافية، وضرب مثلًا على ذلك في مبحث الأسطورة بالمعراج، وأنه بحسب كتب السير كان على مطية مجنحة لها رأس امرأة (١)، وهو يركز على قضية رأس المرأة كدليل على أسطورة الحدث حتى يصل منه إلى أسطورية المعراج ومنه أسطورية العقائد، ومنه وهو الأهم أن الدين منتج اجتماعي يحتاج إلى الأسطورة.
(١) انظر: بني المقدس عند العرب قبل الإسلام وبعده، يوسف شلحت ص ٩٠.