للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول "شلحت": "ودون الدخول في تفاصيل هذا الإسراء والمعراج اللذين أثارا أدبًا غزيرًا، سنكتفي برصد الوقائع التي تندرج في أفق هذا العمل.

أولها المطية المجنحة ذات الرأس النسائي، التي عرج بها محمد إلى السماء: إنها صادرة عن العقلية الخرافية ذاتها التي أبدعت الغول واعتبرت الملائكة بنات الله"، هنا بحسب دجل المؤلف يظهر المعراج كأمر أنتجته العقلية الخرافية العربية التي جعلت الملائكة بنات الله، والربط هنا من خلال الرأس النسائي للمطية. ولكن هناك مصدر آخر بحسب دجله أيضًا لهذه الأسطورة، وهذا المصدر هو ما ورد عن الأنبياء في ديانات قديمة، وأن تأثيرها في الإسلام أكيد، كما ينقل عنه بوجود مؤثرات أخرى على المعراج الإسلامي مانوية وعرفانية، وعليه "فإن محمدًا لم يقم بغير تكرار أسطورة كلاسيكية" (١).

صحيح أن العقلية الخرافية جعلت الملائكة بنات الله، ولكن العقلية المقلدة للإنتاج الغربي حذو النعل بالنعل حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلته هو الذي يجعل المفكر لا يفرق بين المختلفات، ويكتفي بوجود نوع من التشابه لا تقوم به حجة علمية، كمن يجعل وجود الحجر كوجود الإنسان بحجة اشتراكهما في مسمى الوجود، نعم وجد من كتب في التفسير وأضاف عجائب على قصة الإسراء والمعراج، ولكن ذلك لا يكون دليلًا على نفي الحق، حيث يفرق بين الحق وما التصق به من تحريف أو تبديل، كما أن الأكثر فسادًا في هذه المنهجية ما جُبلت عليه العقلية الاستشراقية من البحث عن جذر تاريخي لكل مسألة إسلامية بحيث تُظهر الإسلام وكأنه ثوب مرقع من ديانات وفلسفات تحيط بجزيرة العرب، وجعل الإسلام صورة ملفقة قام بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالأخذ من هذه أو تلك، وسار على نهجهم مجموعة من الكتاب العرب المتغربين سير الأعمى.

ثم تُخرج هذه الأوهام المختلفة والعداء المستحكم في قالب علمي تحت مسمى علم الاجتماع الديني، بينما هي في حقيقتها اتباع لبحوث كتبت في أجواء


(١) المرجع السابق ص ٩١، وقد بحثت في كتب التفسير التي تجمع الآثار كـ"الدر المنثور" للسيوطي، وكتب السيرة، وبعض الكتب المتخصصة مثل "الإسراء والمعراج وذكر أحاديثهما وتخريجها وبيان صحيحها من سقيمها" للألباني، وكتب الموضوعات مثل كتاب "الموضوعات" لابن الجوزي، وذلك عبر البحث الحاسوبي فلم أجد المطية المجنحة برأس أنثى، مع العلم أنه قد ظهرت كثير من الأكاذيب من خلال الوضع والكذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>