للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها الجماعات البشرية لحاجات التماثل وترتيب التجربة الجماعية. ."، إنه يشهد تشكلًا في مواجهة تحدي الحداثة في العصر الحديث، إن تعددية المجتمعات الحديثة تنتج تعددية في أنماط الاعتقاد، وليس الدين لوحده هو طريقة مواجهة الحداثة بل هناك غيره، إلا أنه أهمها في المجتمعات العربية، وعلى الباحث الاجتماعي أن لا ينظر للدين وإنما ينظر للديني، البحث في الدين ترتبط به إشكاليات فلسفية ولاهوتية، أما الديني فهو الصورة التي يتجلى بها كسلوكيات وممارسات (١).

والدين عند "إدريس الحسن" هو صورة من الوعي، يقول: "فالدين في اعتقادنا، كجزء من إدراك الإنسان ما حوله، يكوّن جزءًا مهمًا من سمات الوعي الأساسية في صورته الشاملة", ولهذا يبقى الدين معنا ما بقي فينا الوعي "ولكنه يتشكل ويتداخل مع أشكال الوعي الأخرى والتنظيم الاجتماعي "رأسيًا وأفقيًا"، ويؤثر فيها ويتأثر بها تبعًا للظروف الاجتماعية والتاريخية التي يوجد فيها. وهو تمامًا كأشكال الوعي الأخرى يعطي ويتقبل معاني متعددة ومختلفة دون أن يكون له حقيقة جوهرية واحدة ثابتة الصفات والأفعال. . ." (٢).

ونجد عند الدكتور "حسين رشوان" عرضًا لرأي "دوركايم" في الدين، ومن ذلك تأكيده على "أن الجماعة الاجتماعية هي المسؤولة عن تكوين الدين والأخلاق، والتعبير عن ذلك رمزيًا. فالدين خاص بجماعة معينة، وعندما تتغير هذه الجماعة يتغير الدين أيضًا" (٣)، ثم نجده في مكان آخر يتحدث فيه عن "علم الاجتماع الديني" فيقول: "ومعنى ذلك أن تعالج الظواهر الدينية كنظم اجتماعية لا من حيث مصدرها, ولكن من حيث أثرها في الحياة الاجتماعية. ."، ثم تحدث عن بعض الافتراضات السوسيولوجية حول طبيعة الإنسان مما لها علاقة بالموضوع، ومنها يتميز الإنسان بقدرته على استعمال الرموز وابتكارها، فلديه قدرة على إضفاء معاني على الأشياء والأصوات والكلمات والأفعال، مع أن هذه المعاني غير قائمة في تلك الأشياء، ثم يصل إلى أن "هناك كثيرًا من


(١) انظر: الدين في المجتمع العربي، بحث: (الظاهرة الدينية كموضوع للدراسة. . . .)، محمَّد شقرون ص ١٣٤ - ١٣٦.
(٢) المرجع السابق، (الدين أيدلوجيا) ص ٢٤٨.
(٣) الدين والمجتمع .. ، حسين رشوان ص ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>