للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلها تتجه للماضي بدلًا من الاتجاه للمستقبل (١)، فأصبح الدين ذا وظيفة سلبية في الجانبين. ولا شك أن من يتحرك مع الإطار العلماني الغربي لا يستطيع التسليم بسهولة بأثر إيجابي للدين، ولاسيّما إذا تذكرنا بأن "المنظور الوظيفي للدين الذي يعترف بوظيفية الدين في المجتمع. . . . ينكر حقيقته في نفس الوقت" (٢)، فإن "محاولات الدفاع عن الدين عند علماء الاجتماع في الغرب والتي تبعهم فيها رجالنا، لا ترفع الدين أبدًا على أنه وحي من الله، بل تتفق جميعها على إنكار العالم العلوي والغيبي، وتنظر إلى الدين على أنه ضرورة نفسية اجتماعية ووهم لابد منه" (٣).

٤ - مفهوم البطركية:

المثال التالي مثال مراوغ في نقده الدين تحت مظلة علم الاجتماع، وهو هشام شرابي، فقد اشتهر بتبنيه مصطلحًا اجتماعيًا هو "البطركية" مسقطًا هذا المصطلح على الثقافة العربية وعلى الاتجاهات المحافظة وعلى الاتجاه المتدين، وهو يقصد به النظام الأبوي الذي يسيطر فيه الذكر أو الأب على المجتمع وعلى الثقافة، ومن كتبه "البنية البطركية: بحث في المجتمع العربي المعاصر، النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي، فضلًا عن بحوث بهذا العنوان ضمن بقية كتبه"، وليس المقصود مناقشة هذا المصطلح بكل متعلقاته، وإنما المراد الحديث عن استخدامه العلوم الاجتماعية ومفاهيمها كأداة في تحليل أو نقد المجتمع المسلم.

ومن بين القضايا التي بحثها من خلال هذا المفهوم: العائلة ووضع المرأة، ونظره للاتجاه الإِسلامي الذي يريد العودة للإسلام بأنه نموذج بطركي، بل حتى أولئك الذين يميلون إلى الجمع بين الإِسلام والحداثة في صور توفيقية، هم نوع من البطركية ولكنها أخف من السابقة (٤). وفي المقابل وضع سبيل النجاة


(١) انظر: الدين في المجتمع العربي، بحث: (الدين والتغير الاجتماعي)، غضيبات ص ١٥٢ - ١٦١.
(٢) انظر: علماء الاجتماع وموقفهم من الإِسلام، أحمد خضر ص ١٨٠.
(٣) المرجع السابق ص ١٨٢.
(٤) انظر: الثقافة العربية في المهجر ص ٢٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>