للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، فإن العلم الأكمل هو ما ارتبط به حفظًا أو تفسيرًا أو شرحًا أو استنباطًا، ويتبع ذلك العناية بعلوم الدنيا وتطويرها.

٣ - ماذا بعد جاليليو؟

جاليليو وفكر عصره وظهور التيار العقلي والتيار التجريبي:

شهدت البلاد الأوروبية غير إيطاليا انتشارًا لطائفة البروتستانت، وكانت تلك البلاد أيضًا قد شهدت بوادر حركة فكرية فلسفية جديدة تحاول الانفصال عن الماضي الفلسفي كما حدث مع التيار العلمي.

ومن المعلوم بأن أوروبا منذ عرفت الفلسفة أيام اليونان والعلم فرع عنها وتابع لها، فهي الأصل وهو الفرع، إلا أن الفرع مع العلماء الجدد قد حدث له تطورات جديدة مما يعني أن الأصل -الفلسفة- لابد له أن يتغيّر. فقد كانت هناك أصوات في عصر النهضة تنتقد أرسطو ومنهجه وتدعو إلى تجاوزه، إلا أنها كانت ضعيفة الصدى، ولكن بعد الأحداث الكبيرة في ميدان العلم ما كان يمكن بقاء الفلسفة بعيدًا عن تلك التطورات.

وقد عرفت أوروبا بعد عصر النهضة تيارين فلسفيين كبيرين، وما زالا إلى الآن مع بعض التعديلات والتطويرات لهما. وهذان التياران هما: التيار الفلسفي العقلي والتيار التجريبي الحسي. عُرف الأول في فرنسا وعرف الثاني في إنجلترا، ومن الطبيعي أن يكون للفلاسفة معرفة بالعلوم إن لم يكن بعضهم علماء في بعضها؛ وذلك أن العلوم فرع عن الفلسفة، ومن كان فيلسوفًا فلابد أن يكون على معرفة بالعلم.

لم يكن هذان التياران قد ظهرا بوضوح زمن جاليليو، وذلك أن رواد التيارين كانوا بعد زمنه أو ممن عاصروه وعاشوا بعده بفترة. وقد كان لمؤسسي هذين التيارين صلة بجاليليو بطريقة أو أخرى، وذلك أن جاليليو أصبح يمثل ذروة علمية في أوروبا لابد من الاعتراف بها، وبهذه الصلة بدأت الفلسفة تربط نفسها بحركة العلم الجديد، وهي إما أن تتأثر به أو تحاول استثماره في الدفاع عن أصولها، وهذا أحد أهم الأسباب للتعرجات التي حدثت في مسيرة العلم، فما سرّ العلاقة؟ أو كيف كانت بدايتها؟

- الاتجاه العقلي. لا يكاد يوجد اختلاف في أن "ديكارت" الفيلسوف

<<  <  ج: ص:  >  >>