بغية توجيه العقل لاستكشاف الحقائق، ولا يشترط أن نعيد ترتيب المشكلة كما كانت، بل نرتبها بحسب ما يساعد على الفهم والحل.
٤ - أن أقوم بإحصاء تام ومراجعة عامة على نحو أتأكد معه أنني لم أغفل شيئًا (١).
ولم يكتف ديكارت ببيان هذه القواعد وشرحها، بل أقام عليها فلسفة كبيرة، وكون مدرسة فكرية مشهورة، فالمدرسة الديكارتية أو المذهب العقلي الحديث ترجع إلى فلسفة ديكارت ومنهجه.
وموقف "ديكارت" الديني والخلقي أفضل بكثير من موقف "بيكون"، فقد كان ديكارت مهتمًا بإثبات الربوبية والإيمان بالله سبحانه وأنه الخالق للكون والبشر، وكان مهتمًا بالجانب الخلقي والتربوي بعكس ما رأيناه مع بيكون الذي وإن كان يؤمن بوجود الله سبحانه وينكر على الملاحدة مذهبهم، إلا أن ما بعد ذلك لا يعنيه.
ولا شك أن العلاقة السيئة مع الكنيسة كانت أحد الدوافع لابتعاد هؤلاء عن الدين أو العناية به، أو البحث في حقيقته، أو محاولة تصحيح الانحرافات التي أضافتها الكنيسة إليه. وانصرف همهم إلى البحث عن السلامة من الكنيسة إن كانوا في موطنها القوي، والتأكيد المتواصل لأهمية فصل الكنيسة واللاهوت والدين عن العلم.
وقد كان منطلق "ديكارت" في قضاياه الدينية هو العقل فقط، ومن هنا جاء الابتعاد التدريجي عن الدين، وبما أن الإيمان بالله ضرورة لا ينكرها أحد وطريق الكنيسة إلى ذلك الإيمان غير مقنع، فلابد من الاعتماد على العقل. ولكن غاية ما عند التيار العقلاني في الأبواب الدينية إن أصاب هو إثبات الربوبية، أما ما سواها فلا شيء كبير عندهم، وهنا يظهر النقص الكبير الذي وقع فيه الفكر العقلاني تجاه الدين في أوروبا، فقد دافعوا عما يُقرّ به أغلب عقلاء البشر وبما تدين به الفطر السوية، ولكن بقيت أمور العبادة والتوحيد وشرائع الدين معطلة عند هؤلاء، ومما يؤسف له أن هذا أصبح سمة غالبة لمن يسمون عندهم