للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كانت أحداث النظرية الفلكية الجديدة تعصف بأوروبا، والتفاعلات معها ما زالت كبيرة، ورغم إعلان "جاليليو" تراجعه عنها وتحريم كتاب "كوبرنيكوس" إلا أن ذلك لم يزد الأمر إلا اشتعالًا، وهاهم علماء أوروبا ومثقفوها أمام نظريات جديدة حول الفلك فماذا يفعلون بها؟

لقد توسط "بيكون" و"ديكارت" بين تلك النظريات وبين "نيوتن" بما اقترحوه من قواعد جديدة، ومناهج للبحث في العلوم لعلها تكون مخرجًا من تلك الأزمة ومفتاحًا للاستفادة من العلم الدنيوي.

اجتمعت هذه الأحداث لتنقل جمهرة كبيرة في أوروبا من العناية بعلوم العصر المدرسي المعهودة إلى علوم جديدة، "وأصبح الاهتمام بالقضايا العلمية والرياضية عاطفة جارفة، لا، بل انفعالًا لاهبًا لم تستطع سوى القلة أن تتصدى له" كما يقول "سترومبرج" (١)، وحدث نوع من الاتفاق بين علماء تلك المرحلة على أهمية دراسة الكون في ظل اختلاف التفسيرات حوله (٢)، وقد كان هناك عدّة نظريات (٣)، فهناك النظرية القديمة لبطليموس وأرسطو، وهناك تصور لكوبرنيكوس وآخر لبراهي وثالث لجاليليو، أوصلها البعض إلى سبع نظريات، ولكن حدث توجه في محاولة إثبات ذلك في مجال الفيزياء والاستعانة بصيغ رياضية لعلها تقطع أكثر الجدل الدائر، وظهرت عناية بالبحث عن نظريات عامة في الحركة والجاذبية تفسر في تكامل وشمول ظواهر الكون.

فجاء "نيوتن" واستعمل "اكتشافات الآخرين كي يطور نظرة موحدة عن قوى الكون في كتابه المبادئ (١٦٨٧ م)، فصاغ قانون الجاذبية الكونية، وأظهر أن الأجسام الأرضية والسماوية تتبع هذا القانون" (٤)، فماذا أضاف إلى من سبق؟ إذا عدنا للأحداث السابقة نجد بأن "كوبرنيكوس" قد وضع نظرية جديدة في حركة الكواكب، وتبع ذلك رصد دقيق مع "براهي"، استفاد منه تلميذه "كبلر" واستنتج ثلاثة قوانين تفسر حركتها، وطوّر ذلك "جاليليو" وأكد بعضها برصده بواسطة


(١) تاريخ الفكر الأوروبي الحديث، رونالد ص ٨٤.
(٢) العلم في التاريخ، برنال ٢/ ١٢١.
(٣) انظر: تاريخ الفكر الأوروبي الحديث، رونالد ص ٨٥.
(٤) الموسوعة العربية العالمية، ١٦/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>