الأول من المسائل والأحداث التي وقعت بعد إعلان نظريته. فمن أهم مفاهيم النسق النيوتني: فكرة الجاذبية، والزمان المطلق، والمكان المطلق، والأثير، والآلية أو الميكانيكية التي وصف بها عمل الكون، وقد كان النقاش حول هذه المفاهيم كبيرًا في الإطار الديني والفكري في أوروبا، وكان من بين أهم الموضوعات التي دار حولها النقاش: علاقة الرب سبحانه بهذا النظام الجديد الذي اقترحه نيوتن عن العالم.
والحدث المهم الذي يحتاج منا للتحليل والنقد هو امتداد تلك النظريات والفرضيات إلى ما بعد التجربة والحس والمعادلات الرياضية، لتدخل إلى تفسير عوالم غيبية. أو على العكس من ذلك تحاول الاكتفاء بما قدّمَتهُ من تفسير، وتَمنعُ أي تفسير آخر لتلك الظواهر الكونية أو الأرضية أو الإنسانية والاجتماعية، فهذه هي مدار الصراع الكبير في الغرب، وهي مدار النقاش عند المسلمين أيضًا، إذا ثبت تعارضها مع الوحي مع الجزم بأن العلم الصحيح لا يتعارض مع الوحي قطعًا، وأن التعارض هو لعدم اكتمال العلم أو عدم فهم الوحي.
فإذا تأملنا في نظرية "نيوتن" المشهورة حول الجاذبية وآثارها نجد فيها ما هو من النوع الأول: أي المعارف التي لا تُرفض وميدانها العقل والتجربة، ومنها ما هو من النوع الثاني: أي ما يرتبط بقضايا أبعد من ميدان العلم وتشارك فضاء الدين ومجاله، فكيف كان الوضع آنذاك؟ وما الدروس التي يمكن للأمة المسلمة الاستفادة منها على ضوء ذلك الحدث؟
في البداية نعلم بأن نظرية الجاذبية كأي نظرية علمية هي منظومة علمية متشابكة، فيها أبعاد لا يمكن التأكد منها من قِبَل كل العقلاء؛ لذا لابد أن تجد من يتوقف معها وربما يعترض عليها، وإن كانت أيضًا لن تعدم من يناصرها، وقد رأينا صورًا من ذلك مع النظرية الفلكية الجديدة ويتكرر مثلها مع نظرية الجاذبية.
فقد هُوجمت أولًا من أنصار "ديكارت"، وذلك أنها تفرض نفسها تفسيرًا آخر غير دوامات ديكارت السابقة، وهوجمت أيضًا من علماء بأنها غير تجريبية بما فيه الكفاية. ومع ذلك فهذه القضايا وأمثالها يمكن تجاوزها، وأما التي يصعب تجاوزها فهي ما سبق أن جعلناه من القسم الثاني، ومما يؤكد صعوبة ذلك أنه نفسه قد حاول في مقدمة الطبعة الثانية من كتاب "المبادئ" توضيح ما قد