الجمع بين الاتجاهين العقلي والتجريبي مع الاستفادة من صورة العلم النيوتنية الأخيرة. والآخر ظهر مع حركة التنوير الداعية إلى الحرية والعلمانية والتحمس للعلوم الجديدة.
فهذه أربعة اتجاهات فكرية كُبرى اشتهرت في هذه المرحلة يصاحبها بروز اتجاه علمي بدأ يفرض نفسه مستقلًا عن التيارات الفكرية والفلسفية يومًا بعد يوم إضافة إلى تيار لاهوتي مستمر من الماضي.
ومن المعلوم بأن التيارات الفكرية الأربعة لم تكن على وفاق مع الكنيسة واللاهوت الديني، وقد كان هناك سباق بين الطرفين على الاستعانة بالعلم -بعد أن نجح في إثبات وجوده- في ذلك الصراع بينهما، وقد نجحت التيارات الفكرية أكثر من غيرها في استغلال ثمرات العلم المادي ونظرياته في خدمة رؤاها، ومن ذلك استعانتهم جميعًا بالنسق النيوتني. ومن الطبيعي أن تقود الروح اللادينية للتيارات الفكرية نشاطهم نحو توظيف ثمرات العلم بما يخدم تلك الروح، وما يتبع ذلك من غياب للموضوعية وبروز نزعات الأهواء والرغبات على حساب الحقيقة والعدل والإنصاف، وقد بلغت ذروة هذا الانحراف بنجاح الثورة الفرنسية عام (١٧٨٩ م)؛ أي: بعد ما يقرب من ستين عامًا من وفاة نيوتن (١٧٢٧ م)، وبهذا حققت التيارات اللادينية نجاحها السياسي والاجتماعي في ثورة فرنسا، وبهذا الانتصار سيُقدّم كل معارض للدين واللاهوت الديني على أنه الحقيقة الوحيدة، وسيُفرض في الساحة الفكرية والعلمية والاجتماعية، ويكفي أن نعرف بأن التعليم الديني منع من المدارس، وأن النظريات العلمية ما كان حقًا منها أو باطلًا قد فُرض على المجتمع تعلمها. وليس المقصود تتبع تفاصيل تلك الأحداث وإنما اقتناص علاقة الفكر الغربي بالعلم المادي ونظرياته لتتبين حقيقة تلك العلاقة، ومن ثمّ الاستفادة منها في فهم مجريات العلاقة عندنا فيما بعد.
فمما يقول "يوسف كرم" عن تأثيره: "كان لمنهجه العلمي ولمكتشفاته أثر في الفلسفة، وكانت له فلسفة خاصة تركت هي أيضًا أثرًا. جاء اكتشافه للجاذبية مؤيدًا للمذهب الآلي وموطدًا للثقة في المنهج الرياضي، فقد دل على مبدأ يفسر تماسك أجزاء الطبيعة، ووضع قانونًا كليًا استخرج منه بالقياس نتائج متفقة مع التجربة، على أنه إذ يقول بالجاذبية يعلن أنه لا يزعم بهذه التسمية تعيين طبيعة القوة التي تقرب جسمًا من جسم أكبر، وهذه نقطة جديرة بالملاحظة، فإنها تعني