للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن العلم الآلي يلتقي مع الظواهر ولكنه لا يدعي تفسيرها" (١).

يلخص هذا النص أهم آثار نيوتن وبعض مساراتها فهو:

أولًا: أثّر بمنهجه العلمي واكتشافاته العلمية في الفلسفة.

وثانيًا: أثر بفلسفته الخاصة -النابعة من تأملاته- في الفكر الغربي.

وأخيرًا: فنظريته حول الجاذبية دعمت المذهب الآلي الذي سيكون له شأن في الاتجاهات المادية مع التذكير بأنه بنظريته إنما يفسر، لا أنه جعل للمادة فعلًا مستقلًا وتامًا وحقيقيًا كما سيكون مع الماديين في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر مثلًا.

وإذا كانت النظريات العلمية مجال أخذ ورد، وقبول واعتراض، فما بالك بالأنساق الفكرية المبنية على تلك النظريات، فمجال الأخذ والرد فيها أوسع لاسيّما مع دخول أصحاب الأيديولوجيات اللادينية التي تهوي بأصحابها وتطمس عن أعينهم الحقائق ولو كانت مثل شعاع الشمس، ويستثمرون ما يجدون في النظريات من مشتبهات وثغرات ليؤيدوا ما يعتقدون من أيديولوجيات، وكانت نظريات نيوتن أحد الأمثلة البارزة على ذلك لاسيّما ما تبناه الماديون من أفكار حول فاعلية المادة والحتمية وغيرها.

والمقام هنا ليس مقام تفصيل الأثر المتبادل بين نظريات نيوتن وبين الاتجاهات الفكرية، ففي ذلك دراسات موسعة، وإنما المقصود بيان دور النظريات العلمية وأثرها مجملًا في الفكر الحديث، وهنا ذكرٌ موجز لبعض التفاعلات بين نيوتن والفكر لاسيّما مع الاتجاهات الفكرية البارزة:

فهذا ليبنتز أحد أهم الديكارتيين والتيار العقلي يمتدح كتاب "المبادئ" وأنه "يعدل في قيمته كل المؤلفات السابقة". وهذا يبين مكانة نيوتن عند العقلانيين. وهذا هيوم أحد أهم مؤسسي المذهب الحسي التجريبي يقول عن نيوتن بأنه "أعظم وأندر عبقري ظهر ليشرف النوع الإنساني ويعلمه" (٢)، فهذان ممثلان كبيران لأكبر تيارين في الفكر الغربي الحديث يعلنان مكانة نيوتن ووضعه في المقدمة.


(١) تاريخ الفلسفة الحديثة، كرم ص ١٥٤، وانظر: تاريخ العلوم العام ترجمه على مقلد ٢/ ٣٠٠ وما بعدها، وانظر: حول قواعد منهجه الاستقراء والمنهج العلمي، د. محمود فهمي زيدان ص ٧٤ - ٧٧.
(٢) كتب غيّرت الفكر الإنساني، الشنواني ص ١٧٥، وانظر: العلم في التاريخ ٢/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>