للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي المركز وتدور حولها الشمس، ونظرية "كوبرنيكوس" القائلة بأن الشمس هي المركز وتدور حولها المجموعة الشمسية، حيث تصبح النظريتان ذات وجاهة؛ لأن كل واحدة صحيحة بحسب معيار أصحابها ومنطلق ملاحظتهم، ويصبح الأمر عبارة عن فرض أحدهما أيسر من الآخر كما سبق أن ذكرناه عن "هنري بوانكاريه"؛ فدوران "الأرض حول الشمس لا يخرج عن كونه فرضًا أيسر من الفرض القديم وأقرب تناولًا، ولكنه ليس أصح منه؛ لأن فكرة الصحة تتضمن فكرة الإطلاق" (١)، ولأن النظريات الرياضية والعلمية هي في جوهرها -كما يرى- اصطلاحية وفروضًا ميسرة (٢)، وهذه رؤية بارزة في مدرسة "نقد العلم" المعروفة في الفكر المعاصر.

وكذا كان الأمر مع فروض النسبية الجديدة ومن أهمها "تكافؤ كل النظم الإحداثية في وصفها للظواهر الفيزيائية" (٣)، ومما يعنيه "أنه لا فرق بين السكون والحركة المنتظمة. ولولا مقارنتنا الدائمة بين الشمس والأرض، ما عرفنا أن أرضنا تتحرك. لذلك، لم يخطئ علم الفلك القديم حينما تصور أن الأرض هي المركز الثابت للكون. فما الفرق بين أن تكون الأرض تتحرك حول الشمس أو العكس، لا شيء!! المهم هو أين يقف الراصد. ومن ثم، فنظام كوبرنيقوس ليس بأصح من نظام بطليموس، وإنما فحسب أبسط منه. بمعنى أن الأقرب إلى طبائع الأشياء أن يدور الصغير حول الكبير، وليس العكس" (٤).

وبسبب اعتماد الماديين على النسق النيوتني ونظرياته وبناء مذهبهم المادي على ذلك النسق فقد رفضوا هذا الرأي النابع عن نظرية النسبية، ورأوا -بحسب المفكرين السوفييت- بخطأ النسبية في مساواتها بين النظامين البطليموسي والكوبرنيقي، وأن ذلك مكيدة من قبل "أينشتين" قصد بها مناهضة المادية، ويقترح أحدهم تدميرها حتى تتخلص من هذه الآراء المثالية الرجعية الموجودة فيها (٥).


(١) أينشتين، د. محمَّد مرحبا ص ٧٥، ومثل هذا الكلام يدور داخل فلسفة العلم وهو غير مقبول خارجها.
(٢) انظر: موسوعة الفلسفة، بدوي ١/ ٣٨٦ - ٣٨٨.
(٣) فلسفة العلوم، بدوي ص ٢٤٩.
(٤) المرجع السابق ص ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٥) انظر: المرجع السابق ص ٢٦٤ - ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>