للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه جمع هذه الشهادات المهمة لكي ينقض الفكرة الشائعة لدى الجمهور، وهي أن العالم لا يمكن إلا أن يكون ملحدًا أو على الأقل لا مباليًا بالإيمان, وبيّن هؤلاء العلماء بأن المؤمنين في دائرة العلم أكثر عددًا مما نظن (١). وقد عرض مؤلف كتاب "العلم والإيمان في الغرب الحديث" شهادة اثني عشر عالمًا، كل في مجاله ويدلي بدلوه ضدّ الإلحاد، ويسيرون على نفس خُطى المجموعة الأولى، ويعرض أيضًا تعريفًا بكتاب جان ماري أحد أساتذة البيولوجيا "آلة العلم: العلم والايمان" مستعرضًا الصراع بين العلم والكنيسة منذ الثورة العلمية إلى القرن الرابع عشر/ العشرين، ففي نقده للحداثة الممتدة من ديكارت إلى عصر ما بعد الحداثة، يأخذ عليها أنها اعتنت بالجانب المادي من الإنسان وغفلت عن حاجاته الروحية، ومن المهم في عصر ما بعد الحداثة التركيز على الحاجات الروحية، وتحقيق المصالحة الكبرى بين العلم والإيمان أو بين العقل والدين. وهكذا نربح الدنيا والآخرة، وإن أخطأت الحداثة في رمي الإيمان في سلّة المهملات في صراعها مع الكنيسة فقد جاء عصر ما بعد الحداثة لكي يعيد للإيمان دوره من جديد، وهذا الطلاق الذي حصل في أوروبا بين العلم والإيمان لم يعد له مبرر اليوم (٢).

وكم نتحسر نحن المسلمون عندما نشعر بهذه المجموعات المتعطشة للإيمان وسدّ الفراغ الروحي ألّا تجد من دعاة الإِسلام الأقوياء المؤثرين المقنعين من يقوم بسدّ الفراغ وإشباع الجموع العطشى، هاهم ينبذون الإلحاد خلفهم ويعترفون بأهمية الإيمان وحاجتهم إليه، ثم يلتفتون فلا يجدون حولهم إلا ضلالات الضالين من أتباع الديانتين المحرفتين اليهودية والنصرانية، فما أعظم لو التفت هؤلاء ووجدوا حولهم مراكز إشعاع إسلامية تنشر الإسلام وتستقبل هؤلاء العطشى. يتكلم الأكاديمي الفرنسي على جموع غفيرة انهارت آمالها بعد سقوط الشيوعية، وهي مستعدة لأن تقبل التوجيه في غمرة بحثها عن حاجتها الإيمانية وجادَة لاتباع من يزرع لها الأمل، فلِمَ لا نتحسر ونحن نراهم يهيمون في الأرض لعلّهم يجدون ما يرويهم دون أن نقدم لهم شيئًا؟!


(١) المرجع السابق ص ١٥.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٢٣ - ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>