للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنعدم فيه الحرارة تمامًا ويتم فناؤه. فهذا فرض يقبله العلماء منذ قرابة قرن ونصف قرن تقريبًا، ومع ذلك فالتحقق منه مستحيل (١)، ويقول باحث آخر: "فليست كل النظريات يمكن اختبارها مباشرة، مثل قوانين الجاذبية والحركة عند "نيوتن" ونظرية التطور عند "دارون" ونظرية النسبية، إلا أنه من الضروري أن تكون هذه القوانين وتلك النظريات قابلة للاختبار بشكل غير مباشر. . . ." (٢). وهذا هو حال أغلب النظريات العلمية المعاصرة، فمن الصعب التحقق منها، وبعضها لا يمكن التحقق منه أصلًا (٣).

° طبيعة الحقيقة العلمية:

فإذا كانت النظرية العلمية مما يصعب التحقق منه غالبًا، وكانت الحقيقة العلمية ذات وضع نسبي، فهذا يدفع إلى السؤال عن موقع الحقيقة العلمية من هذه المنظومة المعقدة؟ وهو سؤال مهم، ولاسيّما عند البحث عن المشكلات التي تقع بين العلم والدين.

تكون الحقيقة أوضح في الجانب المادي، ولاسيّما في الموضوعات الجزئية مثل مكتشفات علماء الكيمياء من العناصر ومكوناتها، ولكن عند تجاوز الجزئيات إلى الكليات والعموميات، أو تجاوز الشهادة إلى الماضي البعيد أو المستقبل البعيد تأتي الصعوبات حول مفهوم الحقيقة، فضلًا عن النقاش الفلسفي والفكري الكبير حول مفهوم الحقيقة الذي لم يعد في الدراسات المعاصرة يعني المطابقة دائمًا، ولاسيّما بعد تأثير نظريات الفيزياء المعاصرة ونظريات العلوم الاجتماعية، مما جعل المفكرين يتكلمون عن مفهوم جديد للحقيقة، ولهذا أصبح مفهوم الحقيقة داخل الفكر الحديث في غاية التعقيد. وستبقى الحقيقة -بهذه الحال- ملتبسة عند أي مجتمع لا يملك مصدرًا موثوقًا وميزانًا مطلقًا يحكم به ويحتكم إليه، والذي هو في النهاية الوحي من رب العالمين، وهو القرآن الكريم، فهو المحكم والحاكم، وأما غير ذلك فستبقى الحقيقة ملتبسة فيه حتى داخل العلم، ولاسيّما بعد التحول من المنهج الاستقرائي إلى المنهج الفرضي


(١) الاستقراء والمنهج العلمي، د. محمود زيدان ص ١٢٥.
(٢) فلسفة العلم في فيزياء أينشتين. . . .، د. عادل عوض ص ١٨٥.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>