للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِسلامية على شبه القارة الهندية (١). وبقي الاستعمار جاثمًا على تلك البلاد حتى تاريخ الاستقلال سنة (١٣٦٧ هـ -١٩٤٧ م)؛ والذي يقضي بتقسيم الهند إلى: دولة هندوسية هي الهند الحالية، ودولة للمسلمين هي باكستان مع بقاء بعض المناطق دون حلّ نهائي (٢).

فخلاصة العصر الحديث للهند الإِسلامية أنها كانت أول أمرها ضمن الدولة المغولية بسلطانها الضعيف، لاسيّما بعد تغلغل الشركات الأوروبية ولاسيّما الإِنجليزية، وفي أول الربع الأخير من القرن الثالث عشر الهجري استولى الإِنجليز على تلك البلاد لتستمر هذه الحال ما يقرب من مئة سنة، فخرج المستعمر بعد أن أعطى الهندوس الغنيمة الكبرى في منتصف القرن الرابع عشر الهجري.

وما نبحث عنه هو كيف كانت علاقة المسلمين في هذه البلاد بالعلوم الحديثة؟ كيف كان التعرف؟ وماذا كانت آثاره؟ وإن كان من بين الصعوبات التي تواجه بحث هذا الجزء من بلاد المسلمين هو الوجود الكبير لغير المسلمين ولاسيّما الهندوس، ولكنها كانت تجربة مهمة بسبب الوجود الأوروبي المباشر فيها، مما سرّع من الاحتكاك بالغرب وأنتج مدارس واتجاهات حول العلاقة بالحضارة الغربية عمومًا، وكان يمكن أن يستفيد منها المسلمون الذين تعرضوا لمثل تلك التجارب لاحقًا.

كان الإِنجليز هم رسل الحضارة الغربية إلى الهند، وبئس الرسل، فهم قد تغلغلوا في الهند واحتكوا بأهلها وفتحوا مصانعهم وشركاتهم ومراكزهم، ورأى المسلمون نموذجًا أمام أعينهم أغرى البعض ونفّر آخرين، ولم يظهر الموقف المعتدل الوسطي إلا متأخرًا، وربما كان لمفاجأة الأحداث أثرها في خروج المواقف الضعيفة أو الناقصة أو الشاذة.

كان الاستغلال المادي هو الطابع الظاهر بداية وجود الإِنجليز، ولذا لم يظهر الاحتكاك الثقافي المؤثر، ولكن توسعت طموحات الإِنجليز مع أول القرن التاسع عشر الميلادي وتوسع عملهم داخل المجتمع، فبدأت عندها الأحاديث عن الموقف من الإِنجليز، ثم اتسع إلى الحديث عن الموقف من حضارتهم؛ لأن


(١) انظر: حاضر العالم الإِسلامي. . . .، د. جميل المصري، ٢/ ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٢) انظر: المرجع السابق ٢/ ٤٠٢ - ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>