للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرياضيين الفلكي والمهندس البحري، والثانية: شعبة الطبيعة؛ وكان فيها مع علماء الطبيعة الجراح والحشري والكيميائي والنباتي والمهندس، والثالثة: شعبة الاقتصاد السياسي، والرابعة: شعبة الآداب والفنون؛ وفيها الشاعر واللغوي والملحن والمعماري والرسام، والقسيس (١)، فتكشف هذه الشعب والتخصصات والمتخصصين بأن حلمهم كان كبيرًا، وأن البقاء كان يراد له أن يكون طويلًا، وأن "بونابرت" يحلم بما يخلد حملته، "ومصر تصلح معملًا تجريبيًا لتحقيق هذه الغايات". وهذه التخصصات المتنوعة تساعده في "ارتياد كل جانب من جوانب هذا البلد الأسطوري"، وكان أصرح من عبر عن أهم أهداف المجمع هو رئيسه "مونج" حول تهيئة مصر للاستعمار وليس المقصود نهضتها، فقد كتب لزوجته "أنه لو استوطن مصر ٢٠،٠٠٠ أسرة فرنسية ليشتغل أفرادها بالمشروعات التجارية والمؤسسات الصناعية. . . . إلخ؛ لغدا هذا البلد أجمل مستعمراتنا وألمعها وأفضلها موقعًا" (٢)، وقارن كلام رئيس المجمع بكلام جرجي زيدان عنهم حيث قال: "وكان في جملة تلك الحملة جماعة من العلماء الذين اشتهروا في العلم، ولا تزال أسماؤهم مشهورة في سائر أنحاء العالم، جاء بهم بونابرت إتمامًا لمعدات الاستعمار ظنًا منه بطول مكثه واستعماره الديار المصرية. وقد بحثت هذه الجمعية في الآثار المصرية وتربة البلاد وحللوها ودرسوا طبائع الحيوان والنبات فيها"، ثم أعقبه بقوله: "وكان في عزمهم أن ينشروا لواء العلم بين أهلها لو لم تفاجئهم طوارئ الحدثان بالانسحاب إلى ديارهم بعد ثلاث سنوات. . . ." (٣)، ومثل هذه الدعوى تكرر دائمًا بما ظاهره تبرئة العلماء من كونهم عملاء لا علماء؛ لذا نجد بعضهم يقبل بسبب مهارته في الرياضيات أن يعمل جابيًا للأموال التي تؤخذ من أثرياء مصر والمماليك وغيرهم دون حق (٤).

وإن منهم من تفرغ لخدمة الصناعة الحربية وتقديم ما يساعد الجيش في


= من مصر إلى فرنسا)، وأدخل فيه بعض المسلمين، وفي سنة (١٨٨٠ م) نقل إلى القاهرة.
(١) انظر: بونابرت في مصر، كرستوفر. . ص ١٨١.
(٢) المرجع السابق ص ١٧٩، وقد تحقق لهم شيء من ذلك في استعمارهم اللاحق بداية بالجزائر وما بعدها من بلاد.
(٣) تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر ٢/ ٨.
(٤) انظر: بونابرت في مصر ص ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>