أشهرها مشكلتا الضعف والتخلف وآثارهما في أغلب مجالات الحياة ونشاطاتها، وصاحب ذلك اتساع دائرة الجهل بالدين، وانتشار الابتداع فيه، وتسلط أعداء الأمة عليها من الداخل والخارج.
وفي فترة ذلك الضعف العام للعالم الإِسلامي ظهر تقدمٌ كبير في الجانب الدنيوي في بلاد الغرب، وارتبط هذا التقدم بتطورات علمية مختلفة كان أبرزها علوم الطبيعة والرياضيات وما لحقها من تقدم تقني وصناعي، ولحق ذلك تقدم في مجالات العلوم المختلفة، ومنها العلوم الاجتماعية الحديثة مثل علم الاجتماع، وعلم النفس. . وغيرهما من العلوم.
بدأت الرغبة عند المسلمين في الإفادة من تلك العلوم لمسايرة المتقدم الموجود في العالم والاستفادة منها في حياتهم، ولكن هذه العلوم قد اختلطت بها أثناء نشأتها الحديثة انحرافات كبيرة كان من أخطرها موقفها من الدين الذي قد يصل بصور منها إلى الدفاع عن الإلحاد باسم العلم، والدعوة إلى إقامة العلوم الحديثة مستقلة بمناهجها ونظرياتها وتوجهاتها حتى لو خالفت الدين، وزاد من اتساع خطورة الأمر ارتباط بعض العلوم الحديثة المشهورة -غالبًا- بنوعين من العلماء: النوع الأول فئة من الملاحدة المنكرين للأديان حاولوا توجيه تلك العلوم إلى مسارهم الإلحادي، والنوع الثاني فئة اللا أدرية؛ فلا هم ينفون قضايا الدين ولا هم يثبتونها، وإنما يقفون موقف "اللا أدري"، مع أنهم في نشاطهم العلمي يتحركون دون مراعاة لأي أصل ديني، ثم زاد ضرر تلك الانحرافات -المرتبطة بحركة العلم الحديث- وخطرها عندما خرجت عن مجالها الحسي والتجريبي لتُطبَّق في مجالات أخرى ولاسيّما مجال الغيبيات.
ومما يؤسف له أن تلك الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث بدأت تدخل إلى بلاد المسلمين في صور وأشكال مختلفة، وأحدثت صراعًا فكريًا كبيرًا انقسم أصحابه إلى ثلاثة اتجاهات أساسية هي:
الاتجاه الأول: الاتجاه السلفي الذي يدعو إلى التأصيل الإِسلامي للنافع من هذه العلوم، وإلى نقد الضار منها وفق منهجية إسلامية شاملة، وكان من آثاره النشاط الكبير في أسلمة العلوم الحديثة الذي تتبناه جامعات هذا البلد المبارك في الأقسام العلمية المتخصصة، وتنشط فيه أيضًا جهات علمية وفكرية منتشرة في العالم الإِسلامي.