وأدلة ذلك، وحركتها ثم بقية التفاصيل، أضف إلى ذلك أن علم الفلك كان من أشهر العلوم الحكمية في التراث الإسلامي؛ مما يجعله أقرب إلى الفهم عند غالبية المثقفين المسلمين وأمثالهم عندما يعاد الاهتمام ببعض قضاياه.
نقف الآن مع الصور الواضحة المشهورة حول دخول النظرية، وقد كان أولها ما ذكره "الطهطاوي" في كتابه: "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" في المقالة الثانية، الفصل الأول:[في مدة إقامتنا في مدينة مرسيليا]، فبمناسبة حديثه عنها استطرد لذكر مجادلات بين علماء المغرب ومحاورات منها ما دار حول كروية الأرض وحركتها بين الشيخين:"محمد المناعي التونسي" و"محمد البيرم"، فالمناعي كان يرى بسط الأرض وبيرم يرى كرويتها، ثم قال:"وممن قال من علماء المغرب بأن الأرض مستديرة، وأنها سائرة، العلامة الشيخ مختار الكنتاوي بأرض أزوات، بقرب بلاد "تمبكتو". . . . وقد ألف كتابًا وسماه: "النزهة"، جمع فيه جملة علوم، فذكر بالمناسبة علم الهيئة، فتكلم على كروية الأرض، وعلى سيرها، ووضح ذلك، فتلخص من كلامه أن الأرض كرة، ولا يضر اعتقاد تحركها أو سكونها"(١). ولكن هذا الحوار الذي ذكره الطهطاوي كان موجودًا في التراث الإسلامي وقبل الاطلاع على مستجدات علم الفلك، والذي يظهر أن الطهطاوي كان يستحضرها وهو على علم بالمستجدات الفلكية، فيكون ذلك تمهيدًا لما يعرضه، فقد ذكر في كتابه ما يدرسه المبتعثون من علوم وفنون في فرنسا، ومن ذلك الجغرافيا فقال:"فقد تقدم منها نبذة في مقدمة الكتاب، وإنما ينبغي لنا هنا أن نذكر أقسامها، فنقول: إنه تارة ينظر إلى الأرض من جهة سكونها أو تحركها، أو نسبتها لما عداها من الأجرام الفلكية، فتسمى الجغرافيا الرياضية أو علم هيئة الدنيا"، ثم تحدث عن أربعة أقسام أخرى ثم قال:"غير أنه ينبغي لنا هنا الكلام على مسألة من مسائل علم الجغرافيا الرياضية التي هي علم الهيئة، فنقول: الإفرنج قسموا الكواكب الفلكية إلى ثوابت إلى سيارة، وإلى سيارة السيارة، وإلى ذوات الذنب، وعدوا الشمس من الثوابت، والأرض من السيارة، والقمر من سيارة السيارة؛ أي: التابعة في السير للكواكب السيارة، وهذا المذهب يسمى عندهم مذهب "كبرنيق النيمساوي"، وقد كشف المتأخرون