للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظرية الحديثة، وقد كان صراعًا حادًا استُثمرت فيه كل الأدلة، ومن الطبيعي أن يطّلع المسلمون على هذا الصراع ففيهم جمهور لهذه المجلة، وجاءت مشاركتهم الرسمية من أعلى المستويات في مصر، الإدارية والفكرية، حيث اطلع وزير المعارف على الموضوع، فكلف عالمًا شهيرًا في الوزارة هو عبد الله بك فكري، لتكون إحدى أولى المشاركات العامة الجماهيرية التي تحاول إعطاء رؤية إسلامية حول الموقف من هذه النظرية، والذي يظهر بأن هذه الرؤية هي ما استقر عليه الرأي في الأوساط الجديدة، التي درست في الغرب ونظرت في اجتهادات دينية سابقة -لاسيّما الإمام الغزالي- وأخرجتها للطلاب الذين يدرسون مثل هذه الأمور أو أخرجتها للوسط الثقافي عمومًا، كما أن المشاركة الإسلامية ليست من مصر فقط، بل أثبت صاحب المقال استفادته أيضًا من كتاب ظهر بالتركية وأنه على الرأي نفسه. والمقال يكشف لنا أبعاد دخول النظرية بين المسلمين أو بين أهل الكتاب، والذي يظهر أنها لم تثر إشكالًا كبيرًا بين المسلمين مثل الذي أثارته داخل طائفة النصارى، وذلك عبر ما رصدته لنا صحافة تلك المرحلة، بل إن المقتطف بإدارتها النصرانية العلمانية قد أخذت المشاركة الإسلامية كدليل على تقبل الإسلام للعلم، فاستثمروها في الرد على طائفة منهم (١).

عندما اتسع الأمر وتحولت النظرية إلى مشكلة بسبب ما فعلته الصحافة؛ جاءت مشاركات علماء ومفكرين مسلمين حول الموضوع، وقد كان لجهودهم أثر كبير في تخفيف حدّة المشكلة، كما أنها قرّبت الموضوع من البيئة العلمية الشرعية في البلاد العربية من العالم الإسلامي، من ذلك مثلًا كتابات الشيخ "الألوسي" من العراق (٢)، و"القاسمي" (٣) و"الجسر" من الشام (٤)، و"محمد رشيد


(١) سيأتي لاحقًا بإذن الله تفاصيل دور الصحافة حول هذا الموضوع في الفصل الرابع.
(٢) من كتبه: (ما دلّ عليه القرآن مما يعضد الهيأة الجديدة)، وترجم: (رسالة في الهيأة باللغة الفارسية لعلي القوشجي)، انظر: مؤلفاته، محمود شكري الألوسي. سيرته ودراساته اللغوية، للعلامة محمد بهجة الأثري ص ١٠٨ وما بعدها.
(٣) انظر: دلائل التوحيد، الشيخ محمد القاسمي ص ٢١٤ - ٢١٨.
(٤) صاحب الكتابين المشهورين: (الرسالة الحميدية)، و (الحصون الحميدية)، انظر: الحصون الحميدية ص ١٥٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>