للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يتحكم بها الاستعمار ضمن التعليم العالي، ولكنها كانت على عكس ذلك في الساحة الفكرية حيث كان السجال حولها كبيرًا، يمكن تصور ذلك من خلال الاطلاع على صحافة تلك المرحلة "انظر مثلًا: المقتطف والمجلة الجديدة من جهة، والمنار من جهة أخرى"، حيث نجد إنشغال عامة المفكرين بهذه النظرية.

نظريات تعرف عليها المسلمون في القرن الرابع عشر/ العشرون:

تعد "نظرية الفلك والتطورية الدارونية" أشهر ما ظهر من نظريات في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر، وقد استمرتا في القرن اللاحق مع تحول كبير عرفه القرن الجديد؛ فهناك مستجدات كبيرة، منها: وقوع أغلب بلاد المسلمين في قبضة الاستعمار، ومن ثمّ توجيه النشاط العلمي والثقافي والفكري والاجتماعي وفق منظور غربي، كما أن المستعمر سعى إلى صناعة تيارات فكرية متغربة تساعده في المهمة أو تقوم بها بعد خروجه. ومع هذه المستجدات انهمرت على الساحة الإسلامية الكثير من الأفكار والمذاهب الغربية، ومن التحولات البارزة في الصعيد العلمي فتح الباب لكل النظريات في جميع الأبواب العلمية وغير العلمية، كما أنه انفتح الباب لنظريات علوم الاجتماع، وأهمها في تلك المرحلة: نظريات علم الاجتماع ونظريات علم النفس ونظريات اللغة، أما في العلوم الطبيعية فقد بدأت النظريات توغل في العلمية مما جعلها بعيدة عن المجتمع باستثناء النظرية النسبية، بما نجده من صدى لها في الكتابات العربية عن فلسفة العلم، بينما شهدت نظريات العلوم الاجتماعية شهرة كبيرة في القرن الرابع عشر الهجري، وكان أشهرها نظريات "دوركايم" و"ماركس" و"ماكس فيبر" في علم الاجتماع (١)، و"فرويد" في علم النفس (٢)، و"سوسير" في اللغة، وبعضها نشأ عنها مذاهب عالمية كالماركسية نسبة إلى ماركس والبنيوية المعتمدة على أفكار سوسير (٣)، فضلًا عن مذاهب فلسفية تدّعي ارتباطها بالعلم مثل الوضعية المنطقية وفلسفة التحليل (٤).


(١) انظر: علماء الاجتماع وموقفهم من الإسلام، أحمد خضر.
(٢) انظر: الإنسان بين المادية والإسلام، محمد قطب ص ٩، ١٩ وما بعدها.
(٣) انظر: الخروج من التيه، د. عبد العزيز حمودة ص ٥٢ وما بعدها.
(٤) حول الماركسية والوضعية والتحليلية، انظر: الفصلين الأول والثاني من هذا البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>