النهضة الإسلامية الناشئة والمشاركة في إدارتها، ومن ثم توجيهها بما يخدم أهدافهم.
ثم يتحدث الكاتب عن أثر كل جهة غربية، فالإرساليات التبشيرية الكاثوليكية الفرنسية تركز على تعليم المسيحيين الكاثوليك والروم والموارنة، وفي عام (١٩١٤ م) بلغ عدد مدارسها ما يقرب من (٥٠٠) مدرسة في وقت يندر فيه وجود المدرسة في بعض بلاد المسلمين، وقد أنشؤوا بعدها جامعتهم (جامعة القديس يوسف) سنة (١٨٧٥ م).
وفي مقابل الكاثوليك كانت للإرساليات التبشيرية البروتستانتية البريطانية والألمانية ولاسيّما الأمريكية جهودٌ مماثلة، مع حرصها على تأهيل المعلمين المسيحيين لاستخدامهم يومًا ما في تنصير المسلمين، ثم تحولوا عن هدفهم هذا إلى التعليم عمومًا وفتحوا ما يمكن أن يقال عنه: أول تعليم عالي في البلاد الإسلامية وهو الكلية البروتستانتية السورية سنة (١٨٦٦ م) نواة الجامعة الأمريكية فيما بعد. وجاءت مدارس طائفة ثالثة وهم الأرثوذكس عبر الرعاية الروسية لتؤسس شبكة واسعة من المدارس (١).
طائفة صغيرة يخترقها التعليم الأوروبي الحديث بخلفياته الغريبة وأهمها العلمنة والرؤى المذهبية الجديدة وفي قائمتها المادية، فتمتلك الأقليات من خلال التعليم قوة داخل العالم الإسلامي تؤهلها للمشاركة والتأثير، ولكن هذه الطائفة أصيبت بانقسام بين القدامى والجدد عبر اختراق العلمنة ومذاهبها للجيل الجديد منهم.
وقد أعقب هذه المدارس التبشيرية ولادة التعليم العالي ولاسيّما الكلية البروتستانتية السورية -الجامعة الأمريكية حاليًا- التي حصلت على دعم غربي كبير كونها تمثل أداة صناعة لبني جلدتهم وأداة اختراق مهمة لذلك العالم المغلق أمامهم عبر وسيلة سلمية، ومما يشهد لذلك أن مجموعة كبيرة من قيادات التيارات الفكرية العلمانية تخرجت من هذه الكلية. وقد يُستغرب كيف تكون كلية ذات أساس ديني تبشيري مرتعًا لتيارات عُرف عنها معاداة الدين في الغرب! ويزول الاستغراب إذا علمنا التواطؤ الموجود بين التيارات الغربية المختلفة حول