للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معارضة مع الدين، وإن كان سياق المقال يُظهر أن قصدهم بالدين هنا هو الدين النصراني، ولذا كانت استدلالاتهم من رجال الكنيسة حتى يردوا على مخالفيهم من بني جلدتهم أو يبثوا الشعور في نفوس القراء بوجود قبول ديني لهذا القول. ولكن هذه المشكلة الجديدة التي عرضتها المجلة وعرّفت المجتمع بها لا تبقى في حدود الطائفة النصرانية، ومن الواضح أنها ليست مشكلة علمية بحتة، وإلا لما وقع توهم التعارض مع الدين، أما وقد عُرِضَ أمرها وأن هناك من يرى فيها ما يعارض الدين فسيُفتح من جديد باب الإشكال عن العلاقة بين الدين والعلوم العصرية، والمجلة ستواصل بالتدريج عرض ما تريده، فبعد أن عرّفت بالنظرية المزعجة عبر التعريف بعالمها ستنتقل فيما بعد إلى عرض النظرية ذاتها، فكانت أول مقالات العدد الثاني من السنة السابعة وتصدرت تكملته أيضًا أول العدد الثالث من السنة نفسها بعنوان "المذهب الداروني"، أقف الآن مع أبرز قسمات هذا العرض، ولعله الأول من نوعه، وهو يبرز المشكلات المتوقعة التي ستكون مدار النقاشات فيما بعد لسنين؛ لهذا أذكره بطوله:

١ - بدأت المجلة مقالها بالتقديم المعتاد، أن هذا المقال جاء إنجازًا لوعد سابق وهدفه "ليحيط القارئ علمًا بخلاصة أشهر مذاهب هذه الأيام وأعجب مبتكرات هذا الزمان" (١).

٢ - ذكّرت بمنهجها المعتاد: "فذكرنا الأمور كما ذكرها أهلها، ولم نتعرّض لإقرارها ولا لنقضها إلا بما يرد معنا في سياق الكلام مما أقرها العلم أو نقضها به" (٢).

٣ - ذكرت أن المذهب جديد "منذ نيف وعشرين سنة" وأن صاحبه "العلّامة دارون" ومضمونه "أن كل ما على الأرض من نبات وحيوان، سواءٌ كان عائشًا أو منقرضًا، قد تسلسل بعضهُ من بعض بحيث لم يكن للحيوانات كلها إلا أصل واحد أو بضعة أصول، وللنباتات كلها كذلك في بادئ خلقها"، وذكَرَت أن الجمهور في الغرب على خلافه "بل كانوا يستخفون به كما يستخف به كثيرون اليوم" (٣).


(١) مجلة المقتطف ٧/ ٦٥.
(٢) المرجع السابق ٧/ ٦٥.
(٣) المرجع السابق ٧/ ٦٥ - ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>