للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرنسا تريد جعلها قطعة من فرنسا، وقد أهملت التعليم بقصد إبقاء الضعف فيهم حتى سنة (١٨٨٣ م) -أي: بعد احتلالها لتونس- لتغير من طريقتها وتضع نظامًا تعليميًا هدفه اختراق شخصية المسلم وتغييره جذريًا لتكوّن "نخبة قادرة على استيعاب شروط الاستعمار، بل ومؤهلة للدفاع عن صيانته واستمراره" (١)، ويُصرح أحدهم أن الاحتلال التعليمي يعقب الاحتلال السياسي (٢)، وقد وصف محمَّد فريد حال التعليم في الجزائر بعد العمل الاستعماري في أثناء زيارته لها سنة (١٩٠١ م) فقال: "هجرت ربوع العلم، وخرّبت دور الكتب، وصارت الديار مرتعًا للجهل والجهلاء، وكادت تدرس معالم اللغة العربية الفصحى، وتطرقت إلى اللغة العامية الكلمات الأجنبية، بل أصبحت اللغة الفرنساوية هي لغة التخاطب في العواصم. . . . إن حالة التعليم في القطر الجزائري سيئة جدًا، ولو استمر الحال على هذا المنوال لحلت اللغة الفرنسية محل العربية في جميع المعاملات، بل ربما لن تدرّس العربية بالمرة مع مضي الزمن، فلا الحكومة تسعى في حفظها ولا تدع الأهالي يؤلفون الجمعيات لفتح المدارس. . . ." (٣).

ولم يكن الحال بأحسن في تونس، فبعد احتلالها سنة (١٨٨١ م) "عينت على رأس "إدارة المعارف" فرنسيًا مستعربًا هو لويس ماشويل. . . . فاستولى بتلك الصفة على جميع الأجهزة الثقافية والتعليمية، حتى تعليم جامع الزيتونة، ووضع قوانين تعطي الأولوية للغة الفرنسية على اللغة العربية في البرامج الدراسية، ومنع على جامع الزيتونة تدريس العلوم العصرية"، فعطل الاستعمار المسيرة التحديثية التي قد أسسها "خير الدين التونسي" وغيره (٤).

وكما أدار "كرومر" الوضع في مصر أدار "ليوطي" الوضع في المغرب بمساعدة "جورج هاردي" الذي كان على رأس مديرية التعليم (٥)، لم يلغ القرويين


(١) انظر: الحركات الوطنية والاستعمار في المغرب العربي، أ. د. محمد مالكي ص ١٤٥.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٤٧.
(٣) الحركات الوطنية والاستعمار في المغرب العربي ص ١٤٦.
(٤) انظر: الشيخ عبد العزيز الثعالبي ودوره في الإصلاح الإِسلامي، مسعودة الخضرة ص ٢٠ - ٢١ ص ٦٩ - ٧٠.
(٥) انظر: الفكر الإصلاحي في عهد الحماية. .، آسية بنعداده ص ٤٨ - ٤٩، وانظر: الحركات الوطنية والاستعمار. .، مالكي ص ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>