للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخشى على إيمان الضعفاء من غوائل هذه الشبه الجديدة، فتجدد الاحتياج إلى استئناف الردود السديدة، وتأليف كتب في حفظ الإيمان مفيدة" (١)، والجديد هنا أن أصحاب الشُبه الحديثة قد اعتمدوا على ثمرات العلم الحديث، ولاسيما الرياضيات والطبيعيات.

ومن بين الأمثلة التي توضح "المقصدين" عند الشيخ -أي: تقريب بعض مسائل العقيدة بأمثلة علمية، أو الرد على الشبه حول العقيدة أيضًا بأمثلة علمية- ما نجده في باب المعجزات، فإنه بالعودة إلى كتب العلماء قديمًا نجد أدلتهم والشبه التي عالجوها والردود التي ذكروها، ولكن مع الاختلاف الذي حدث أصبح الشيخ يبحث في العلم الحديث ما يؤكد أن الدين الذي ذكر "المعجزات" وآيات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يعارضه العلم، بل فيه ما يدلّ عليها، ولو من باب الأولى وبإمكانه وجوازه.

ومن المعجزات التي ذكرها "نبع الماء من الحجر" عندما ضربه موسى -عليه السلام- بعصاه بأمر الله تعالى، فإن كان منكرها ممن يؤمن بالله وتمام قدرته "فيكفيه لتصديق هذا الأمر أن يتصور أن نبع الماء من الحجر له طريقان جائزان:

الأول: "أن الله سبحانه يخلق ويبرز من العدم مقدارًا من الماء يكفي بني إسرائيل، ثم يجعل سبيل بروزه في مشاهدتهم من الحجر عندما يضربه موسى"، وربما الشيخ يعلم أن هذا التصور مما يرفضه أصحاب العلوم الحديثة المعلمنة، لذا انتقل إلى الثاني:

"أن يحول الله تعالى الهواء ماء، ويجعل سبيل بروزه في المشاهدة أيضًا من الحجر، وتحول الهواء ماء وعكسه هو من الأمور الجائزة التي دخلت تحت تصرف قدرة الكيماويين كما يعلم من فن الكيمياء، وفي هذا العام قدروا أن يحولوا الهواء سائلًا من السائلات، فما بالك بقدرة من خلق الكيماويين وجميع أعمالهم؟ " (٢). فالشيخ هنا يُقرّب المعنى بهذا المثال، وإلا فهناك فرق بين المعجزة التي لا يستطيعها أحد من البشر، وبين عمل الكيمائيين في تحويل الغاز إلى سائل، فهو


(١) الحصون الحميدية للمحافظة على العقائد الإِسلامية، الشيخ حسن الجسر ص ٤.
(٢) الحصون الحميدية ص ٥٨ - ٥٩ مع تصرف يسير. وانظر: أمثلته الأخرى بقية الفصل الثاني من الباب الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>