للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - إذا قام دليل عقلي ظني -ويدخل فيه العلم الحديث كما هو واضح من أمثلة الشيخ- يعارض النص الشرعي، "فلا يكون ذلك داعيًا لترك الظاهر من معنى النص؛ لأن رفض الدليل الظني لا يوجب رفض العقل، لاحتمال أن هذا الظن باطل في نفس الأمر، فلا ضرورة تدفعنا إلى ترك المعنى الظاهر من النص، فاتباع الدليل الظني وترك ظواهر النصوص يوجب اختباطًا واختلاطًا في الاعتقاد لا يحد، فإن الظنون كثيرة، والاعتقاد في الشرائع وإنما يعتمد فيه اليقين، فكان الصواب أن يتمسك بظواهر النصوص اليقينية الورود، ولا يتحول عنها لمجرد الظنون" (١).

٤ - التحذير من إحسان الظن مطلقًا في علماء العلوم الحديثة وتقليدهم: فبعد أن بيّن وجوب اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبين أحكام اتباع العلماء وتقليدهم (٢)، انتقل بعدها لبيان خطأ تقليد علماء العلوم الحديثة فيما له علاقة بأمور الدين فقال: "فمن هنا يظهر لك خطأ بعض أهل هذا العصر في تقليد فلان الفلكي أو فلان الجغرافي أو فلان الجيولوجي المشهورين في فنونهم في بعض مسائل ربما تكون مخالفة لظواهر نصوص الشريعة التي تعتمد في الاعتقاد"، وبيّن خطورة ذلك فقال: "فهذا الحال ربما يوقع هؤلاء المقلدين في الخروج عن الدين -والعياذ بالله تعالى وهم لا يشعرون".

ثم بين سبب وقوعهم في هذا التقليد المذموم فقال: "والذي يوقع أولئك المقلدين في تقليد فلاسفة هذا الزمان في تلك المسائل هو أنهم نظروا لهم أدلة في بعض مسائل فنونهم يقينية قطعية كأدلتهم في المسائل الحسابية والهندسية وبعض التجريبيات الطبيعية المحسوسة، فاغتروا بهم وأوقعهم الوهم في اعتقاد أن كل ما يقوله أولئك الفلاسفة صواب يقيني الثبوت، وأنهم لا يعتمدون في أدلتهم في جميع فنونهم إلا على اليقين".

وأجاب عن ذلك فقال: "ولم يدروا أنه يوجد فرق بين أدلة المسائل الحسابية، وما ذكر معها، وبين أدلة كثير من المسائل الفلكية مثلًا؛ بأن تلك


= بعدها. وانظر: دعوى التعارض من هذا البحث: الباب الثالث، الفصل الأول.
(١) الحصون الحميدية ص ١٤٩ مع بعض التصرف.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٥٠ - ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>