للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن يبحث في صور تأثير الوافد الغربي في الفكر العربي المعاصر يجد أن أهمها ما يلي:

١ - الفكر الغربي الحديث بمذاهبه المشهورة واتجاهاته الفلسفية الكثيرة.

٢ - الاستشراق.

٣ - الآداب والفنون الغربية ومدارسها المشهورة.

٤ - النظريات والمناهج والمفاهيم العلمية الحديثة.

فقد كان العلم في الغرب -أي: العلم المعتمد على المحسوسات والمعقولات- مصاحبًا للفكر والفلسفة منذ عصر الفلسفة اليونانية والرومانية إلى العصور الوسطى ثم عصر النهضة، وبدأت محاولات الانفصال في القرن الحادي عشر/ السابع عشر، ثم تحقق الانفصال في القرون الثلاثة الأخيرة، ولم يكن الانفصال عن الفلسفة فقط بل وقع انفصال عن الدين أيضًا بعد ظهور مشكلة الصراع بين الإيمان والعلم في الغرب، وفي ذلك يقول هاشم صالح: "ثم جاءت العصور الحديثة مع ديكارت، وانفرط عقد التحالف بين العلم والإيمان. . . . واشتد الطلاق بينهما في القرن الثامن عشر عندما صرح بعض فلاسفة التنوير بماديتهم الإلحادية. . . . وبلغ الطلاق ذروته في القرن التاسع عشر عندما حقق العلم انتصارات كبيرة. . . ." (١)، وقد جعل الغلاة منهم العلم إلهًا معبودًا جديدًا، وقد كانت هذه المرحلة فترة نشاط بعثات أبناء المسلمين إلى الغرب التي عرفت في القرن الماضي في عصر محمَّد علي والي مصر، وما زالت تلك البعثات مستمرة من أغلب بلاد المسلمين إلى اليوم، ولم يخلُ الأمر من تأثر بعض المبتعثين بتلك الروح المادية اللادينية التي ارتبطت بالانحرافات المنهجية العلمية المصاحبة لحركة العلم الحديث في الغرب، وأسهم بعض أولئك المبتعثين في نقلها إلى بلاد المسلمين بصور مختلفة.

وقد وجدت أن القسم الأخير -وهو التأثر بالنظريات والمفاهيم والمناهج العلمية المعارضة للأصول الدينية- كان بارزًا في الفكر التغريبي العربي المعاصر مع ندرة الدراسات التي تبحث في صور هذا التأثير وصور أخطاره وكيفية


(١) العلم والإيمان في الغرب الحديث، هاشم صالح ص ٥ - ٦ كتاب الرياض عدد رقم (٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>