للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"باستعمال العقل والفكر في آياته المخلوقة وفي آياته المتلوة، ليدرك العبد بعقله ما في المخلوقات من المنافع والآيات فيفقهها ويستعملها وينتفع بها بحسب أحوالها وأخبر أنها آيات لقوم يؤمنون ولقوم يعقلون ولقوم يوقنون" (١)، والمؤمن يجعل ذلك في مرضاة الله ولا يقع في غفلة الماديين ممن انقطعوا بالمخلوقات عن خالفها وبالمسببات عن مسببها، فهم وإن استعملوا عقولهم في فهم الآيات الكونية وسنن الله فيها فإنهم توقفوا هناك ولم ينفذوا في علمهم من السبب إلى المسبب ومن الخلق إلى الخالق (٢).

٣ - الأمر في الشريعة بإعداد القوة وأخذ الحذر وما في المعادن من المنافع لتحقيق ذلك. حيث نجد في القرآن قوله -تعالى-: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)} [الحديد: ٢٥] وقوله -تعالى-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠]، وقوله تعالى {خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١، وفي ١٠٢] {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}. فهذا الحديد أحد المعادن التي انتفع بها الإنسان في تاريخه قد أرشد الرب سبحانه بأنه أنزله بما فيه من منافع "ومقتضى ذلك، الأمر باستخراج هذه المنافع بكل وسيلة، وذلك يقتضي تعلم الفنون العسكرية والحربية وصناعة الأسلحة وتوابعها، والمراكب البرية والهوائية وغير ذلك مما ينتفع به العباد في دينهم ودنياهم، كما في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] " (٣)، وكذا الحال مع الأمر في قوله تعالى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١] "فهذا يتناول الأمر بإعداد المستطاع من القوة العقلية والسياسية والمادية والمعنوية، وأخذ الحذر من الأعداء بكل وسيلة وبكل طريق، فجميع الصناعات الدقيقة والجليلة والمخترعات والأسلحة والتحصنات داخلة في هذا العموم". وإذا كانت هذه هي حال الإِسلام فلا صحة لافتراءات المفترين، أو


(١) المرجع السابق ص ٢٣.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ٢٤.
(٣) الدلائل القرآنية. . . . ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>