للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ: "وضابط هذا الدليل العظيم أنه متركب من أصلين:

أحدهما: حصر أوصاف المحل بطريق الحصر. . . .

والثاني: هو اختيار تلك الأوصاف المحصورة، وإبطال ما هو باطل منها، وإبقاء ما هو صحيح منها" (١). وذكر الشيخ صوره في القرآن الكريم، وذكر أن "المنطقيين والأصوليين والجدليين كل منهم يستعملون هذا الدليل في غرض ليس هو غرض الآخر من استعماله، إلا أن استعماله عند الجدليين أهم من استعماله عند المنطقيين والأصوليين" (٢)، ثم عرّف باستعماله عند كل طرف من الأطراف الثلاثة (٣)، وواصل الشيخ توضيح منزلة هذا الدليل إلى أن بلغ المسألة السادسة التي لها علاقة بالبحث:

دلالة "الدليل العظيم - السبر والتقسيم" على "الموقف من الحضارة الغربية":

قال الشيخ -رحمه الله-: "اعلم أن هذا الدليل التاريخي العظيم يوضح غاية الإيضاح موقف المسلمين الطبيعي من الحضارة الغربية، وبذلك الإيضاح التام يتميز النافع من الضار، والحسن من القبيح، والحق من الباطل. وذلك أن الاستقراء التام القطعي دلّ على أن الحضارة الغربية المذكورة تشتمل على نافع وضار:

أما النافع منها -فهو من الناحية المادية، وتقدمها في جميع الميادين المادية أوضح من أن أبينه. وما تضمنته من المنافع للإنسان أعظم مما كان يدخل تحت التصور، فقد خدمت الإنسان خدمات هائلة من حيث إنه جسد حيواني". وهو اعتراف من الشيخ لا ينقصه الصراحة، وهو موقف كل عاقل فضلًا عن عالم من علماء الإِسلام. "أما الضار منها -فهو إهمالها بالكلية للناحية التي هي رأس كل خير، ولا خير البتة في الدنيا بدونها، وهي التربية الروحية للإنسان وتهذيب أخلاقه. وذلك لا يكون إلا بنور الوحي السماوي الذي يوضح للإنسان طريق السعادة، ويرسم له الخطط الحكمية في كل ميادين الحياة الدنيا والآخرة،


(١) المرجع السابق ٤/ ٣٦٥.
(٢) انظر: المرجع السابق ٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨، وما بين القوسين ص ٣٦٨.
(٣) انظر: المرجع السابق ٤/ ٣٦٩ - ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>