للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجعله على صلة بربه في كل أوقاته". وهذا الإهمال نشأ داخل أوروبا والغرب عمومًا بعد أن أخذت بالخيار العلماني القائم على تأسيس الحياة الدنيوية بعيدًا عن الدين، ولذا "فالحضارة الغربية غنية بأنواع المنافع من الناحية الأولى، مفلسة إفلاسًا كليًا من الناحية الثانية. ومعلوم أن طغيان المادة على الروح يهدد العالم أجمع بخطر داهم، وهلاك مستأصل، كما هو مشاهد الآن .. " (١).

وإذا كان الاستقراء قد دلنا على الحقائق السابقة، بأن الحضارة الغربية فيها النافع الذي له أهميته لحياتنا الدنيوية، وفيها الضار النابع من إهمالها للتربية الروحية المعتمدة على الوحي، فلننظر إلى دليل السبر والتقسيم معها:

أولًا: يحصر التقسيم الموقف من تلك الحضارة في أربعة أقسام:

ترك الحضارة الغربية نافعها وضارها.

أخذها كلها، نافعها وضارها.

أخذ ضارها وترك نافعها.

أخذ نافعها وترك ضارها (٢).

ثانيًا: ننتقل إلى السبر لهذه المواقف الأربعة، فنجد ثلاثة باطلة دون شك، وواحد صحيح دون شك، ونبدأ بالثلاثة الباطلة:

فتركها كليًا باطل؛ "لأن عدم الاشتغال بالتقدم المادي يؤدي إلى الضعف الدائم، والتواكل والتكاسل، ويخالف الأمر السماوي في قوله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}. . . . الآية. . . ." (٣).

وأخذها بكل ما فيها، فليس من العقل ولا من الدين القبول بهذا الموقف، ولاسيما مع إهمالها جانب الدين وتمردها على نظام السماء (٤).

أخذ الضار وترك والنافع، وإن كان هذا غير متصور كما ذكر الشيخ، ولا يفعله من له أقلّ تمييز (٥)، إلا أن واقع الحال يدل أن هناك فئات جعلت همها


(١) انظر: أضواء البيان ٤/ ٣٨١ - ٣٨٢ وما هو خارج الأقواس تعليق من الباحث.
(٢) المرجع السابق ٤/ ٣٨٢.
(٣) أضواء البيان ٤/ ٣٨٢.
(٤) المرجع السابق ٤/ ٣٨٢.
(٥) المرجع السابق ٤/ ٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>