للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-تعالى-: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: ٤٦]، ومثله النهي عن تبديل العلم والحق فقال -تعالى-: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١)} [البقرة: ١٨١]، وجاء في النهي عن التقليد المحرم أدلة منها: قوله -تعالى-: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} [البقرة: ١٧٠]، وقال -تعالى-: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١)} [البقرة: ١٧١]، وقال -تعالى-: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢)} [الأنفال: ٢٢]، وقال -تعالى-: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٤]، فما أعظم هذا الوصف لمن أقفل حواسه عن الحق، وقال -تعالى-: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣)} [الزمر: ٤٣]، وهي وإن كانت في باب الوصية فالعبرة بعموم اللفظ. أما ما جاء في المحرمات من مثل السحر والتنجيم والشعوذة والخرافات التي يتصورها الكفار حول الملائكة والجن وأصنامهم المعبودة فقد جاء التوحيد لمحاربتها، فكما أنها عائق عن تحقيق التوحيد فهي عائق عن العلم النافع، والأدلة في ذلك كثيرة.

فمن تأمل هذا الباب عَلِمَ عظمة هذا الدين الذي ما ترك باب خير إلا دلنا عليه وما ترك باب شر إلا نهانا عنه، وعلم أن الشرع قد حث على العلم وحث على أسبابه ويسر الطرق إليه، وأنه في المقابل حذر من الجهل وأقفل الأسباب الموصلة إليه، فلله الحمد على نعمة الإسلام ونعمة القرآن، قال -تعالى-: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١)} [إبراهيم: ١]، قال الشيخ السعدي - رحمه الله -: "يخبر تعالى أنه أنزل كتابه على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة وأنواع المعاصي إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة، وقوله: {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}؛ أي: لا يحصل منهم المراد المحبوب لله إلا بإرادة من الله ومعونة، ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم" (١).


(١) تفسير السعدي ص ٤٢١، وانظر: الإسلام والعلم، د. منصور محمد ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>