للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهور مثل هذه الأساطير، وتبعًا لرؤى جديدة حول الأسطورة فهو يتفهم تقبل العقل الإنساني لها بل وحاجته إليها (١).

ففي دراسة له عن "العجيب الخلاب في القرآن" ويركز فيه على الأمر الخارق للعادة، بحث دور العجيب الخلاب في دعم الغيب وأصوله، فمن خلال إيراد القصص القرآني حول آيات الأنبياء وكرامات الأولياء وتعذيب الكافرين بأمور غير معتادة للناس، يتم استغلال هذا الخارق للعادة في دعم قضايا غيبية كما يقول أركون (٢)، ففي النهاية لا تلك الأمور الخارقة للعادة بصحيحة ولكنها أداة مهمة لدعم الغيب، وحتى الغيب إنما هو ضمن الفضاء الأسطوري الذي تنجح تلك الخوارق في تعزيزه وتوسيع دائرته، ثم ذكر أهم الأمور الغيبية التي يدعمها العجيب الخلاب، وهي:

قصة الخلق الأول، ونشأة الكون، وخلق السماء وما فيها من أفلاك، وقصة خلق الإنسان، والكائنات اللامرئية مثل الملائكة والجن والشيطان وإبليس، وموت الإنسان وعالم البرزخ، وعلامات الساعة ونهاية الزمان، والبعث والحساب والآخرة (٣)، فقد جمع أركون هنا كل أصول الغيب، وأراد شطبها بكل سهولة من خلال هذا التحليل، من المسلَّم به أن من مقاصد ذكر الخوارق هو الإقرار بالغيب، بل قد عُدّت المعجزة آية صدق النبي وعلامة لصحة ما أخبر به من أمور الغيب، فلا جديد فيما يذكره، ولكن الفاسد من قوله هو عدم الإقرار بحقيقة هذه الأصول الغيبية.

مناقشة المشككين في الغيب أو المنكرين له بدعاوى علمية:

لمناقشة هذا الباب، أذكر ثلاثة مسارات، ويجمعها أنها الاستدلال بالعالم المخلوق المحسوس المشاهد على عالم الغيب، المخلوق منه وغير المخلوق، أما الأول فهو عن الطريقة الإجمالية للقرآن في إثبات الغيب، وسأكتفي منها بجانب الاستدلال بالمخلوقات على الغيب، والثاني سيكون عن طريق الاستدلال ببعض ما توصل إليه العلم الحديث في عالم المادة، والثالث عن طريق


(١) انظر مثلًا: تاريخية الفكر العربي الإِسلامي، محمَّد أركون ص ٣٥، ٢١٠.
(٢) انظر: الفكر الإسلامي قراءة علمية، محمَّد أركون ص ١٨٧ وما بعدها.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>