الاستدلال ببعض ما توصل إليه العلم الحديث في عالم الكائنات الحية.
أولًا: مجمل الطريقة القرآنية لإثبات الغيب والرد على المخالفين فيه.
ثانيًا: دلالة عالم المخلوقات المادية على الغيب.
ثالثًا: دلالة المخلوقات الحية على الغيب.
أولًا: مجمل الطريقة القرآنية لإثبات الغيب والرد على المخالفين فيه:
لقد جاء ذكر الغيب في القرآن، ولا شك أن العاقل يعلم من حال الأنبياء أن ما جاؤوا به من أمور الغيب هو حق، حتى وإن لم يدللوا عليه بدليل، ومع ذلك ولعلم الله سبحانه بوجود المكذبين والمنكرين والكافرين وبوجود من يتأثر بشبهاتهم من الناس، فقد ذكروا مع الغيب أدلة عظيمة تقرّ بها العقول الصحيحة والفطر السليمة، فجاء الرسل بأعظم الأدلة الخبرية والعقلية والحسية والضرورية وغيرها، قال -تعالى-: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)} [النساء: ١٦٥]، ولا يجد من يريد الحق إلا الخضوع لها والتصديق بما دلت عليه، ومع ذلك فإن من تأثرت فطرته بالشبهات قد يختلط عليه الأمر، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية:"الإقرار بالخالق وكماله يكون فطريًا ضروريًا في حق من سلمت فطرته، وإن كان مع ذلك تقوم عليه الأدلة الكثيرة. وقد يحتاج إلى الأدلة عليه كثير من الناس عند تغير الفطرة، وأحوال تعرض لها"(١).
يعد النظر في المخلوقات من أعظم الطرق لتحقيق الإيمان بالله ومن أعظم الطرق للإقرار بالغيب؛ لأن من نظر في المخلوقات علم أن جهله بها كبير، وأنها عالَم يصعب الإحاطة به، فإنها وهي المخلوقة المحسوسة نجهل الكثير عنها وهي بين أيدينا فكيف بما غاب عنا، مما تقرّ به العقول واعتنت به الرسالات السماوية، وهو الغيب الديني من الإيمان بالله وعالم الملأ الأعلى والنبوات واليوم الآخر وغيرها من أمور الغيب. إن العالم المخلوق الذي نعلم بعضه ونجهل أكثره ليدل دلالة قطعية عن وجود ما هو أعظم من هذا العالم، وهو غيب يصعب على البشر بحدود أدواتهم المعرفية أن يصلوا إليه، فإنهم لو