للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مادية: الذرات وعالمها المدهش، أو الحية: الكائنات المجهرية والخلايا وعالمها الداخلي؟ فمن ذاك الذي يدّعي معرفة هذه العوالم الصغيرة التي بين أيدينا؟ وإن عرف عنها شيئًا فكيف تقوم بعمليات تحير العقول في عالمها الصغير، وقد نحتاج إلى مختبر ضخم لو أردنا عمل مثل تلك العمليات، فمن جعلها بهذه الصورة؟ وإذا كُشف شيء من هذه العوالم، فكم بقي غيرها؟

فإذا انتقلنا إلى جانب آخر من الذرة وهو زمنها الخاص، كم هو؟ لوجدنا شيئًا يأخذ بالألباب من العجب، فهو زمن يُذهل العقل من صغره، ويصعب ملاحقة الأحداث فيه، وقد نجح باحث عربي في رصد شيء من حركة هذا العالم الصغير في ذاك الزمن العجيب عبر طريقة خاصة لتصوير الجزيئات الصغيرة أثناء حركتها وقياس زمنها، وهو أحمد زويل: "لقد أصبح زويل باكتشافه هذه الطريقة الجديدة. . . . أول شاهد عيان للأحداث الكيميائية التي تقع في زمن يقدر بجزء من مليون بليون من الثانية. ." (١).

والمقياس الزمني في العالم الصغير هو الفمتوثانية، ويحدثنا عنها زويل، فيقول: "ومقياس الزمن في عالم الذرات والجزيئات مقياس غير عادي، وحدته الفمتوثانية. . . . تساوى جزءًا من مليون بليون جزء من الثانية؛ أي:١ ٠٠ ٠٠٠ ٠٠٠ ٠٠٠ ٠٠٠ ٠. ٠ ثانية "المقدار الناتج من قسمة الرقم واحد على الرقم واحد أمامه ١٥ صفرًا؛ أي: ٠٠٠ ٠٠٠ ٠٠٠ ٠٠٠ ٠٠٠ ١" أو جزء من كوادريليون. . . . من الثانية، ولتقريب الصورة إلى الأذهان نقول: إن الفمتوثانية بالنسبة إلى الثانية هي كمثل الثانية بالنسبة إلى ٣٢ مليون سنة.

وفي زمن قدره ثانية واحدة يقطع شعاع الضوء مسافة طولها ١٨٦ ألف ميل "نحو ٣٠٠٠٠٠ كيلومتر"، وهي تقريبًا المسافة التي تفصل بيننا وبين القمر؛ وفي زمن قدره فمتوثانية واحدة يقطع شعاع الضوء نفسه مسافة طولها ٣٠٠ نانومتر. . . . وهي مسافة لا تزيد عن حجم جرثومة واحدة، أو جزء ضئيل من سُمك شعرة في جسم الإنسان، وفي زمن الفمتوثانية هذا فإنه يمكن رصد حركة الذرة -أي: تصبح حركة الذرة مرئية" (٢).


(١) رحلة عبر الزمن، د. أحمد زويل ص ١٤٦ وصاحب المقولة: روبرت.
(٢) المرجع السابق، زويل ص ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>