للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في باب الوحي:

من بين القضايا العقدية المهمة الإيمان بالوحي، فهو الصلة بين السماء والأرض، فهو الطريق لمعرفة دين الله، فالوحي هو إعلام الله من اصطفاه من عباده وهم أنبياؤه بما يريد أن يبلغه إليهم من شرع أو كتاب بواسطة أو غير واسطة (١).

وقد ورد في آيات كثيرة، قال -تعالى-: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٤]، وقال -تعالى-: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣)} [النساء: ١٦٣]، وقال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)} [الشورى: ٧].

وقد جاء وصف صوره في قوله -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)} [الشورى: ٥١].

وقد سأل الصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الوحي، ففي صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أن الحارث بن هشام - رضي الله عنه - سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم - كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني فأعي ما يقول". قالت عائشة - رضي الله عنها -: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا (٢).

ويُعدّ الوحي قضية غيبية لا يستطيع العقل إدراك حقيقتها وكنهها، وما نعلمه أن جبريل أخذ من الله ما يوصله لأنبيائه، وهم أوصلوه للناس، يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "هذا القرآن الذي يقرؤه المسلمون هو كلام الله، الذي نزل به الروح الأمين على محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، خاتم النبيين والمرسلين، وأن جبريل سمعه


(١) انظر: الرسل والرسالات، د. عمر الأشقر ص ٦١.
(٢) صحيح البخاري برقم (٢) من كتاب بدأ الوحي، ومسلم برقم (٢٣٣٣) كتاب الفضائل باب عَرَق النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>