للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكفي، وإن عنعنة القدماء عن القدماء أو المحدثين عن القدماء لا تكفي، بل ينبغي أن يمتحن كل شيء بالدليل العقلي وبالدليل الاستقرائي" (١)، ومما امتدحه "لويس" أيضًا في كتاب طه حسين: رفضه صحة قصة إبراهيم وإسماعيل وبناء الكعبة، فهي ليست حقيقة تاريخية، زاعمًا أن رفض "طه حسين" كان "وليد العقلانية والمنهج العلمي" (٢).

بمثل هذه الروح الماركسية المتغربة يتكلم لويس عن القرآن ومرجعية الوحي وكأنها مرجعية خرافية أسطورية، وما كأنه الحق من رب العالمين، بينما يتكلم عن الفكر البشري القابل للصواب والخطأ والمستغل من قبل أعداء الدين وكأنه حق مطلق، ويكثرون من مصطلحات "المنهج العلمي" و"العقل العلمي" بينما لا علاقة لها بالعلم.

أختم بمثال معاصر في هذا الباب ألا وهو "د. حسن حنفي":

توسع أهل التغرب في استخدام المنهجيات الغربية مع الوحي، إما لنقده والتكذيب به، أو لتحويله عن مراده إلى أبواب تتسع لاستخدامات المتغرب وإسقاط أفكاره على الوحي.

وممن بدّل مفهوم الوحي ليتسع لمقولاته الدكتور حسن حنفي، فهو ممن اطلَّع على آخر المنهجيات وعَرَف كثيرًا منها، وقد ذُكر بعضها في فقرة سابقة، ومن هذه المنهجيات ما أسماه "الشعور"، وهو مصطلح غامض لم يحدد له معنى، رغم كثرة ترديده له، وقد استخدم هذا المفهوم الغامض في التلاعب بموضوع الوحي. وعندما نبحث عن معنى محدد للشعور ونبحث عن ما يقابله من تطبيقات حتى نتأكد من سلامة العمل، فلا نجد إلا الغموض، ولكن النتائج واضحة، وهي متمثلة في تبديل الوحي.

لقد عرفنا فيما سبق مفهوم الوحي الديني كما ورد في الكتاب والسنة، وعند مقارنتها بما يذهب إليه حسن حنفي نجد حجم التبديل والتحريف.

يقول: "نصوص الوحي نشأت في الشعور، إما في الشعور العام الشامل


(١) ثقافتنا في مفترق الطرق ص ١٥٢ نقلًا عن تلميذه غالي شكري في كتابه: النهضة والسقوط .. ص ٢٥١.
(٢) أوراق العمر ص ٤٦٤ نقلًا عن: لويس عوض -الأسطورة والحقيقة، د. حلمي القاعود ص ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>