للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاتصال بين عالم الإنسان وعالم النبات إن لم يكن أعصى على التصور والإدراك (١)، وهذا المسار لا يختلف عن مفهوم الأسطورة ودورها في الفكر البشري بحسب العرض الأركوني السابق.

تأتي الماركسية في تقليعات جديدة، لاسيّما بعد ارتباطها بالدراسات اللغوية الحديثة، وينطلق تصور أحدهم عن الموحى به باعتباره نصًا من جهة، ومن جهة له واقعه المادي، ولذا يتم التعامل معه من خلال هذا البعد "النص والواقع"، فالواقع المادي عند الماركسية التقليدية هو المكون للبنى الفوقية مثل الدين والثقافة، ومع الماركسية المطَورة هو المكون للنص، وهنا يأتي ما هو أبعد من ذلك؛ فالوحي ذاته من الواقع، وكذا النبوة، ويمكن تفسيرها من خلال الواقع ذاته، وبهذا لا يكون مفارقًا للواقع ولا يكون فيه أي غيب (٢)، فهذه الرؤية هي من المسار الأركوني نفسه، وإن كانت تركز على الدراسات اللغوية.

تتفق الأمثلة السابقة على نفي الوحي، وتحرص على تحويله لظاهرة بشرية، ثم منهم الغلاة الصرحاء الذين يعتبرونه وهمًا يمكن التخلص منه بالعلم، مثل "شبلي شميل"، ومنهم من يحوله إلى أسطورة بالمفهوم الذي تطرحه العلوم الاجتماعية عن الأسطورة، لاسيّما من جهة حاجة الإنسان إلى نوع من الأسطورة، فالوحي وإن لم يكن له حقيقة دينية ثابتة فهو كنوع من الأسطورة له أهميته ودلالاته، وحقيقة القول هو التكذيب بالوحي.

وممن انحرف في باب الوحي وأنكر مرجعيته تحت دعوى العقلانية والعلمية "د. لويس عوض"، وقد نُقل عنه قوله عن الكتب السماوية: "هي أشعار بعضها جيد وبعضها رديء" (٣)، وفي حديثه عن كتاب "طه حسين -في الشعر الجاهلي" زعم أن منهج طه حسين هو المنهج العلمي وأن العقل الذي فيه هو العقل العلمي، بينما العقل المعارض له ليس سوى وجدان ديني، ويرى "لويس" قيمة كتاب "حسين" بأنها كانت في المنهج القائل: "إن الدليل النقلي وحده لا


(١) انظر: هكذا تكلم العقل ص ٩٧.
(٢) انظر: التفسير الماركسي للإسلام .. ، د. محمَّد عمارة ص ٥٦، وانظر: الفصل الأول والثاني من الباب الأول من كتاب مفهوم النص. . . .، د. نصر أبو زيد ص ٣١ - ٧٤.
(٣) لويس عوض -الأسطورة والحقيقة، د. حلمي القاعود ص ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>