للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبتكرة وحساباتهم الرياضية الممكنة وملاحظاتهم ومشاهداتهم البشرية، ولكن هذا السقف قد يرتفع مع اكتشاف أجهزة أخرى أو حسابات أخرى أو ملاحظات أدق، وقد رأى العالَم أثر اكتشاف عالم الذرة بالأجهزة الحديثة في تغيير كثير من الأفكار حول النظريات السائدة، كما رأى العالَم أثر ظهور حسابات جديدة مع نظرية النسبية في تغيير كثير من الأفكار حول النظريات السائدة أيضًا، ورأى العالَم أثر التطورات الكبيرة في دراسات الجينات في تغير كثير من التصورات حول الكائنات الحية.

والموقف الإسلامي في مثل هذا الباب هو أن القطعي من الأدلة هو المقدم، والقطعي هنا هو خبر السماء الذي جاءنا من خالق العوالم، والعارف بها، والشاهد سبحانه خلقها، وكفى بالله شهيدًا. ولهذا ما جاء من النظريات إما أنه يُنكِر الحق القطعي من الدين، فقد علمنا ولله الحمد بطلانه، وعلينا إراحة أنفسنا منه، أو أنه من الأمور التي يتحدث عنها الدين، أو عرفنا من الدين معناها دون كيفيتها، فغالب هذا النوع قد يناسبه السكوت، ويترك لمنطق الصواب والخطأ العلمي التجريبي، وما يُظنّ أن فيه تعارضًا مع الدين فتكون موطن الاجتهاد الشرعي، وتكون بطريق اجتماع علماء المسلمين في الشرع وفي العلوم الطبيعية لدراستها وبيان الأصوب في هذا الباب، وذلك مثل تلك الأرقام الكبيرة التي تقال عن تاريخ أحداث كونية مثل وجود الكون، فقد اعتمد علماء الطبيعة على مقاييس خاصة توصلوا بها لمثل تلك الأرقام الزمنية، ومعلوم أن الزمن الغيبي الذي وقع فيه الخلق ليس مثل الزمن الذي نعرفه. فمثل هذه المساحة تكون موطن البحث والنظر والاجتهاد، ولاسيّما أنها قد تكون بابًا لبعض المنحرفين للطعن في الغيبيات كما أنها قد تكون موطن اشتباه عند من لم يكن عالمًا بالشرع ولم يكن عالمًا بحقيقة العلوم الطبيعية ممن يدرس العلوم العصرية أو يقرأ عنها، فيسبق إليه شيء من الشُبَه؛ لذا كان من المهم اجتماع علماء المسلمين في باب العلوم الشرعية وفي باب العلوم الطبيعية لمعالجة أمهات الإشكاليات في هذا الباب. والآن ننظر في بابين وقع حولهما الإشكال، وهما:

الأول: باب بداية الخلق ووجود الكون.

الثاني: باب خلق آدم -عليه السلام- وأصل الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>