للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثرة ورودهما في الكتاب والسنة، وتأليف العلماء فيهما، وأهمية الحذر من الإسرائيليات الواردة فيهما:

لقد جاء ذكر خلق الكون والحياة والإنسان وآدم وبقية المخلوقات في الكتاب والسنة، وقد ورد في ذلك من الغيب ما لا يستطيع البشر معرفته بعلومهم أو عقولهم، وقد يكون منه ما يراه البشر، والعاقل من استدل بالمعلوم على الغيب. وقد كان الناس يسألون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فيجيبهم عما سألوا، مما يدلّ أن النفوس تشتاق لمعرفة ذلك.

ومن ذلك ما ذكره البخاري عن عمران بن حصين قال: "دخلت على النبي - صلي الله عليه وسلم - وعقلت ناقتي بالباب، فأتاه ناس من بني تميم، فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم، قالوا: قد بشرتنا فأعطنا، مرتين، ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن، فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم، قالوا: قد قبلنا يا رسول الله، قالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر [أي: الحاضر الموجود]، قال: كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض، فنادى مناد: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب فوالله لوددت أني كنت تركتها"، وروي عن طارق بن شهاب قال: سمعت عمر - رضي الله عنه - يقول: قام فينا النبي - صلي الله عليه وسلم - مقامًا، فأخبرنا عن بدء الخلق، حتى دخل أهل الجنة منازلهم [هي غاية قوله: "أخبرنا"؛ أي: أخبرنا عن مبتدأ الخلق شيئًا بعد شيء إلى أن انتهى الإخبار عن حال الاستقرار في الجنة والنار، ووضع الماضي موضع المضارع مبالغة للتحقق المستفاد من خبر الصادق، وكان السياق يقتضي أن يقول: حتى يدخل، ودل ذلك على أنه أخبر في المجلس الواحد بجميع أحوال المخلوقات منذ ابتدئت إلى أن تفنى إلى أن تبعث، فشمل ذلك الإخبار عن المبدأ والمعاش والمعاد]، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه (١).

وقد ألف علماء الإسلام في ذلك، فجمعوا ما ورد من آيات وأحاديث،


(١) صحيح البخاري برقم (٣١٩٠، ٣١٩٣) باب ما جاء في قول الله -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} من كتاب بدء الخلق، وما بين القوسين المعقوفين من شرح ابن حجر -رحمه الله-، الفتح ٦/ ٣٣٢ - ٣٣٣، وانظر: شرح هذا الحديث وما فيه من مسائل، فتاوى ابن تيمية ١٨/ ٢١٠ - ٢٤٣، ففي ذلك فوائد مهمة تتعلق بالباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>