للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في هذا كثيرًا، ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك" (١)، فهذه الإسرائيليات ذكرها العلماء دون قصد الاعتضاد، ولكن قد يختلط الأمر في زمننا على غير المتخصص، فيظن أن ذلك مما ثبت في الإِسلام، ولذا فهي في حاجة في زمننا بعد أن كثرت المشكلات إلى تحقيق وفصل بين الإِسلامي والإسرائيلي منها؛ حتى لا يقع الجاهل بالعلم الشرعي في أخطائها، ومن ثم يصدق بمقولات المتغربين الطاعنة في الغيب.

وقد يكون من الحسن ذكر طريقة أحد علماء الإِسلام في مثل هذه الأبواب، وهو الإِمام البخاري صاحب الصحيح، ففي ما يتعلق بهذين المبحثين نجدهما في كتابين من كتب صحيحه، أولهما كتاب "بدء الخلق" قال ابن حجر: "ابتداؤه والمراد خلق المخلوقات" (٢)، بدأها بباب "ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}، وفي الباب تأكيد لأمرين عظيمين أولهما أن العالم من خلق الله ابتداء، والثاني أن الخلق هو هيّن عليه سبحانه، وهنا أمران يُغفَلان عند أهل العلوم العصرية عند الحديث عن المخلوقات. ثم أتبعه بباب عن السموات والأرض، ثم باب عن النجوم، ثم الشمس والقمر، ثم الرياح، ينتقل بعدها لعالم آخر وهم الملائكة، ثم الجنة والنار وإبليس والجن. وفي هذا الكتاب المختصر ذكر أول الأمر وآخره".

أما خلق آدم -عليه السلام- فقد ذكره في الكتاب الذي بعده، وهو كتاب "أحاديث الأنبياء"، وذكر فيه "باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته" وأعقبه بباب "الأرواح جنود مجندة" قال ابن حجر: "للإشارة إلى أنهم ركبوا من الأجسام والأرواح" (٣)، فمن نظر في نصوص هذه الأبواب عرف مقدار عناية الإِسلام بوضع الأصول الكلية في هذا الباب وغيره.

موقف المعاصرين من هذا الباب ممن طالع النظريات العلمية:

إذا انتقلنا للناظرين في النظريات العلمية التي تتناول هذين البابين وطريقة تعاملهم معها أو تأثرهم بها فسنجد طائفتين لهما أهمية في هذه الفقرة: طائفة


(١) تفسير ابن كثير ص ٩.
(٢) فتح الباري. . ٦/ ٣٣٠.
(٣) المرجع السابق. . ٦/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>